٥١٣ - وَعَنْ أَنَسٍ; - أَنَّ عُمَرَ -رضي الله عنه- (كَانَ إِذَا قَحِطُوا يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ. وَقَالَ: اَللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
===
(كَانَ إِذَا قَحِطُوا) أي: أمسك عنهم المطر.
(يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ) الاستسقاء هو طلب نزول الغيث على البلاد، وهنا طلب عمر من العباس أن يدعو الله بطلب السقيا، فمعنى يستسقي بالعباس أي: بدعائه، وذلك لقرابته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما كان عليه من الديانة والتقوى.
(وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ) التوسل: ما يتقرب بها إلى الغير، فالوسيلة إلى الله تعالى هو تقرب عبده إليه بعمل صالح.
(وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا) أي: بدعائه.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
الحديث دليل على جواز التوسل بدعاء الصالحين.
وقد روى ابن سعد في الطبقات: (أن معاوية استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي) وسنده صحيح.
• ما حكم التوسل بذوات الصالحين؟
حرام.
لحديث الباب.
وجه الدلالة: فلو كان مشروعاً لما عدل الصحابة بالتوسل بالعباس عن التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، لأن حرمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ميتاً كحرمته حياً، وأيضاً في عهد عمر فيه الكثير من الصحابة ممن هم أفضل من العباس، ومع ذلك لم يتوسلوا بهم، قد كان حياً عثمان، وعلي، وعمر أيضاً، وهؤلاء أفضل من العباس.
وأيضاً كان قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- قريباً منهم، فلو كان التوسل جائزاً أو مشروعاً بالصالحين، أو بذواتهم أحياءً أو أمواتاً لبادروا إلى حجرة عائشة متوسلين بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لسبقهم.
ففي الحديث رد على أهل البدع الذين استدلوا بهذا الحديث على جواز التوسل بذوات الصالحين.
• ما المراد بقول عمر (وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا)؟
أي: بدعائه، وليس بذاته، ويدل لذلك:
أ-أنه جاء في رواية أن عمر قال له: قم يا عباس فادعو الله.
ب-أنه قال (اَللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا … وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا) ومعلوم أنهم كانوا يتوسلون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بدعائه، إذاً فكذلك يتوسلون بالنسبة للعباس بدعائه.
ج-أنه لو كان المراد التوسل بالذات، لكان التوسل بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى، لأنه لا أعظم من النبي -صلى الله عليه وسلم-.