للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٠٨ - وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ (سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ -رضي الله عنه- عَنْ كِرَاءِ اَلْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا كَانَ اَلنَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ، وَأَقْبَالِ اَلْجَدَاوِلِ، وَأَشْيَاءَ مِنْ اَلزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِيهِ بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ فِي اَلْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مِنْ إِطْلَاقِ اَلنَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ اَلْأَرْضِ.

٩٠٩ - وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ اَلضَّحَّاكِ -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ اَلْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا.

===

(عَنْ كِرَاءِ اَلْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة) أي: أجرتها.

(الماذيانات) أي: الأنهار الكبار.

(أقبال الجداول) الأوائل.

(الجداول) جمع جدول، وهو النهر الصغير.

• عرف المزارعة؟

المزارعة: هي دفع أرض لمن يزرعها بجزء معلوم فيما يخرج منها.

• اذكر الخلاف في حكم المزارعة؟

اختلف العلماء في حكمها على أقوال:

القول الأول: أنها لا تصح.

وهذا مذهب أبي حنيفة وزفر.

أ- لحديث الباب - ثابت بن الضحاك - ( … أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ اَلْمُزَارَعَة).

ب-عن ابن عمر قال (ما كنا نرى بالمزارعة بأساً، حتى سمعنا رافع بن خديج يقول: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها) متفق عليه.

ج- ولحديث جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يزرعها فليزرعها أخاه). رواه مسلم

د- ان المزارعة استئجار للأرض بأجرة مجهولة معدومة، فلا نعلم هل ينبت الزرع أو لا، وإذا نبت لا نعلم مقداره، وهل هو كثير أو يسير، وكل هذا ينطوي على غرر.

القول الثاني: أنها جائزة.

وهذا مذهب الإمام أحمد، وقال به من الشافعية ابن خزيمة، وابن المنذر، والخطابي، والنووي، واختاره ابن حزم.

قال النووي: وَقَالَ اِبْن أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو يُوسُف، وَمُحَمَّد، وَسَائِر الْكُوفِيِّينَ، وَفُقَهَاء الْمُحَدِّثِينَ، وَأَحْمَد، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَابْن شُرَيْح وَآخَرُونَ: تَجُوز الْمُسَاقَاة وَالْمُزَارَعَة مُجْتَمِعَتَيْنِ، وَتَجُوز كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا مُنْفَرِدَة. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار لِحَدِيثِ خَيْبَر، وَلَا يُقْبَل دَعْوَى كَوْن الْمُزَارَعَة فِي خَيْبَر إِنَّمَا جَازَتْ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ، بَلْ جَازَتْ مُسْتَقِلَّة، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّز لِلْمُسَاقَاةِ مَوْجُود فِي الْمُزَارَعَة قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاض؛ فَإِنَّهُ جَائِز بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ كَالْمُزَارَعَةِ فِي كُلّ شَيْء، وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيع الْأَمْصَار وَالْأَعْصَار مُسْتَمِرُّونَ عَلَى الْعَمَل بِالْمُزَارَعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>