وعند النسائي عنها (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهي معترضة بينه وبين القبلة اعتراض الجنازة، فإذا أراد أن يوتر مسها برجله) متفق عليه.
ج-وعنها أيضاً قالت (فقدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً، فخرجت تلتمسه وكانت شديدة الحب له … فذهبت تلتمسه فوجدته في المسجد يصلي وهو ساجد، وقدماه منصوبتان، قالت: فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك … ). رواه مسلم.
وفي رواية للبيهقي بإسناد صحيح (فَجَعَلْتُ أَطْلُبُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ .. ) وهي عند النسائي أيضاً.
وجه الدلالة: لمس عائشة لقدمي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في الصلاة، ولو كان المس ينقض الوضوء، لخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من صلاته لانتقاض وضوئه بمجرد مس عائشة لقدميه، فاستمراره -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، بعد مس عائشة له دليل على عدم نقض الوضوء بمجرد مس المرأة.
القول الثالث: أنه ينقض إذا كان لشهوة.
وهذا مذهب مالك وأحمد.
وهؤلاء حاولوا الجمع بين النصوص، الآية (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء) وهي دالة على نقض الوضوء بمس المرأة عندهم، والأحاديث التي استدل بها من رأى عدم النقض.
وهذا المسلك صحيح لو كانت الآية دالة على نقض الوضوء بمطلق المس - كما ذهبوا إليه - ولكن الصحيح في معنى الآية: أن المراد بها الجماع، كذا فسرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، واختاره ابن جرير، وتفسيره رضي الله عنه مقدم على تفسيره غيره، لدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- (اللهم فقّهه في الدين وعلمّه التأويل) رواه أحمد وأصله في البخاري، وصححه الألباني في تحقيق الطحاوية .... (الإسلام سؤال وجواب).
والراجح أنه لا ينقض مطلقاً.
• ما الجواب عن الآية (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ)؟
وأما الآية فالمراد بها الجماع، فقد ذهب إلى ذلك كثير من السلف.
فقد صح عن ابن عباس أنه فسرها بالجماع.
قال ابن كثير: وقد صح من غير وجه عن عبد الله بن عباس أنه قال ذلك.
وذهب إليه أيضاً علي بن أبي طالب كما رواه عبد الرزاق في المصنف وابن جرير في التفسير.
وقد رجح ذلك أيضاً ابن جرير فقال في تفسيره: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) الجماع دون غيره.
وقال ابن تيمية: قوله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) المراد به الجماع كما قاله ابن عباس وغيره من العرب، وهو يروى عن علي وغيره وهو الصحيح في معنى الآية، وليس في نقض الوضوء من مس النساء، لا كتاب ولا سنة.