• هل الأشرف مقدم على الأقدم هجرة؟
ذهب إلى ذلك بعض العلماء وهو مذهب لشافعية، والحنابلة.
واستدلوا بالأحاديث التي جاءت بالأمر بتقديم القرشيين على غيرهم في الخلافة، كحديث أبي هريرة. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (الناس تبع لقريش) متفق عليه.
وحديث (قدموا قريشاً ولا تقدموها) رواه الخطيب.
وحديث (الأئمة من قريش) رواه أحمد.
قالوا: وإمامة الصلاة ولاية، فإذا قدم في الولاية الكبرى بالنسب فالولاية الصغرى أولى.
لكن الصحيح أن الأقدم هجرة مقدم على الأشرف لصحة لحديث الباب في ذلك.
وهذا قول الحنفية، والمالكية، واختيار ابن تيمية.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- رتب الخصال التي يكون بحسبها المفاضلة ولم يذكر منها الشرف، فتقديمه اعتبار لما لم يعتبره الشارع، وإلغاء لما اعتبره من الهجرة.
وأما الأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الأول فيقال: بأن تقديمهم في الولاية الكبرى لا يلزم منه تقديمهم في الولاية الصغرى.
• من الذي يقدم بعد الأقدم هجرة؟
يقدم الأقدم إسلاماً، ثم الأكبر سناً.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- ( … فَإِنْ كَانُوا فِي اَلْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا -وَفِي رِوَايَةٍ: سِناً).
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (وليؤمكم أكبركم).
• ما الجواب عن قوله -صلى الله عليه وسلم- (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) حيث قدم الأكبر سناً؟
الجواب: لأنهم كانوا متساوين في باقي الخصال، لأنهم هاجروا جميعاً، وأسلموا جميعاً، وصحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولازموه عشرين ليلة، فاستووا في الأخذ عنه، ولم يبق ما تقدم به إلا السن، وقد جاء عند أبي داود (وكنا متقاربين).
• ما حكم إذا تساووا في المراتب الماضية كلها؟
يختار أحدهما بالقرعة.
قال الشيخ ابن عثيمين في الممتع: (ثَم مَنْ قَرَعَ).
قوله (ثم من قرع) أي: إذا استوى في هذه المراتبِ كلِّها رَجُلان؛ فإنَّنا في هذه الحال نستعملُ القُرْعَةَ، فمَن غَلَبَ في القُرعةِ فهو أحقُّ، فإذا اجتمعَ جماعةٌ يريدون الصَّلاةَ، فقال أحدُهم: أنا أتقدَّمُ، وقال الثاني: أنا أتقدَّمُ، ونظرنا فإذا هما متساويان في كلِّ الأوصافِ فهنا نُقرِعُ بينهما ما لم يتنازل أحدِهما عن طَلَبِهِ، فَمَنْ قَرَعَ فهو الإِمامُ. والقُرْعَةُ ليس لها صورةٌ معينةٌ، بل هي بحسب ما يتَّفِقُ الناسُ عليه، فممكن أن نكتب بورقة (إمام) والأخرى (بيضاء)، ونخلُطَ بعضَهما ببعضٍ، ونعطيهما واحداً، ونقولُ: أعطِ كُلَّ واحدٍ مِنْ هذين الرَّجُلين ورقةً، فإذا وقعت بيد أحدِهما، (إمام) فهو الإِمام، أو ما أشبه ذلك، فكيفما اقترعوا جَازَ.
• فإن قال قائلٌ: ما الدَّليلُ على استعمال القُرعةِ في العباداتِ؟
قلنا: قَولُ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (لو يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأولِ، ثم لم يجدوا إلا أنْ يَسْتَهِموا عليه لاسْتَهَمُوا) فهذا نصٌّ واضحٌ في أنَّ القُرعةَ تدخُلُ في الأذانِ والصَّفِ الأولِ إذا تَشَاحُّوا فيهما.