للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١٠٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنَّ اِمْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ. قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟ " قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: "هَلْ فِيهَا مَنْ أَوْرَقَ؟ "، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَنَّى ذَلِكَ؟ "، قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قَالَ: "فَلَعَلَّ اِبْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

(أَنَّ رَجُلًا) جاء عند النسائي: (جاء رجل من أهل البادية).

(إِنَّ اِمْرَأَتِي) قال الحافظ: لم أقف على اسم المرأة ولا على اسم الغلام.

(وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ) أي: لا يشبهني ولا يشبه أمه، فأنا أبيض وأمه بيضاء.

وجاء في رواية لمسلم (قال وإني أنكرته) أي استنكرته بقلبي. قال الحافظ: ولم يرد أنه أنكر كونه ابنه بلسانه، وإلا لكان تصريحاً بالنفي لا تعريضاً.

(هَلْ فِيهَا مَنْ أَوْرَقَ) أوْرق: بوزن أحمر، والأورق الذي فيه سواد ليس بحالك، بل يميل إلى الغبرة.

(فَأَنَّى ذَلِكَ؟) أي: من أين أتاها اللون الذي خالفها.

(فَلَعَلَّ اِبْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ) العرق المراد به الأصل من النسب، شبهه بعرق الشجرة، والنزع الجذب.

هذا الحديث ذكره المصنف بعد أحاديث اللعان، لأن أحاديث اللعان تبيح للإنسان إذا تحقق من زنا زوجته أن يلاعنها لينفي الولد عنه والعار، وهذا الحديث يزيل الشبهة في كثير من الأمور، فالريبة واللون لا يكفي لنفي الولد.

١ - هذا الرجل جاء يعرض بالقذف، ويدل لذلك قوله: (إن امرأتي ولدت غلاماً أسود) أي وأنا أبيض، فكيف يكون مني؟

وجاء في رواية لمسلم: (وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه)، وجاء في رواية: (إني أنكرته).

٢ - اختلف العلماء هل التعريض يعتبر قذفاً أم لا؟ على قولين:

القول الأول: أن التعريض بالقذف ليس قذفاً.

وبهذا قال جمهور العلماء.

واستدلوا أن هذا الرجل أنكر الولد في قلبه وعظم عليه الأمر في نفسه، ولم يسترخص له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالانتفاء منه.

ولأن التعريض ليس كالتصريح، فالتصريح يحتمل معنى واحداً، والتعريض يحتمل معنيين، فكيف يصرف اللفظ إلى أحدهما دون الآخر بلا برهان ولا دليل، فالتعريض لا يعطى حكم التصريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>