للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥١٠ - وَعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبَهُ عَنْ عُيُوبِ اَلنَّاسِ) أَخْرَجَهُ اَلْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

===

[ما صحة حديث الباب؟]

لا يصح.

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد أنه ينبغي للمسلم أن ينشغل بعيبه عن عيوب الناس.

قال ابن القيم: … وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وويل لمن نسى عيبه وتفرغ لعيوب الناس، فالأَول علامة السعادة، والثاني علامة الشقاوة.

وقال: من عرف نَفسه اشْتغل بإصلاحها عَنْ عُيُوب النَّاس من عرف ربه اشْتغل بِهِ عَنْ هوى نَفسه.

وقال ابن حبان: الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه ولم يتعب قلبه فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه وأن من اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمى قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه.

قال الشاعر:

المرء إن كان عاقلاً ورعاً … أشغله عن عيوب غيره ورعه.

كما العليل السقيم أشغله … عن وجع الناس كلهم وجعه.

وإذا كان العبد بهذه الصفة، مشغولاً بنفسه عن غيره، ارتاحت له النفوس، وكان محبوباً من الناس، وجزاه الله تعالى بجنس عمله، فيستره ويكف ألسنة الناس عنه، أما من كان متتبعاً عيوب الناس متحدثاً بها مشنعاً عليهم فإنه لن يسلم من بغضهم وأذاهم، ويكون جزاؤه من جنس عمله أيضاً؛ فإن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته.

وقال بكر بن عبد الله: إذا رأيتم الرجل موكّلاً بعيوب الناس، ناسياً لعيوبه ـ فاعلموا أنه قد مُكِرَ به.

إن الانشغال بعيوب الناس يجر العبد إلى الغيبة ولابد، كما أن الانشغال بعيوب الناس يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع، فحين يتكلم المرء في الناس فإنهم سيتكلمون فيه، وربما تكلموا فيه بالباطل.

قالَ رَجُلٌ لِبَعضِ الحُكَماءِ يا قَبِيحَ الوَجهِ، فقَالَ ما كانَ خَلْقُ وجْهِي إليَّ فأُحَسّنَه.

وقالَ البيهقيُّ ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ الرّبِيع بنِ خَيثَم فقَالَ: مَا أنَا عن نَفسِي بِراضٍ فأَتفَرّغَ مِنها إلى ذَمّ غَيرِها، إنّ العِبادَ خَافُوا اللهَ على ذُنوبِ غَيرِهِم وأَمِنُوا على ذُنوبِ أَنفُسِهم.

وقالَ حَكِيمٌ: لا أحسِبُ أحَدًا يتَفَرَّغُ لِعَيبِ النّاسِ إلا عن غَفلَةٍ غَفِلَها عن نَفسِه، ولَو اهتَمَّ لِعَيبِ نَفسِه ما تفَرّغَ لِعَيبِ أَحَدٍ

قال ابن سيرين: كنا نحدث أن أكثر الناس خطايا، أفرغهم لذكر خطايا الناس.

وقال الفضيل: ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير.

وقال عون بن عبد الله: لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه.

وقيل للربيع بن خثيم: ما نراك تغتاب أحداً؟ فقال: لست عن حالي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>