القول الثاني: أن صلاته باطلة سواء وجد فرجة أم لا.
وهذا مذهب الإمام أحمد، وبه قال إبراهيم النخعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق بن راهوية، وابن المنذر، وابن خزيمة، واستدلوا بأحاديث الباب.
أ- بحديث وابصة (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي وحده خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة).
ب- ولحديث علي بن شيبان (لا صلاة لمنفرد … ).
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أمر الرجل أن يعيد الصلاة لم يستفصل هل وجد فرجة أم لا.
وهذا القول هو الصحيح.
• ما الحكم لو وجد الصفوف مكتملة؟
الراجح أنه إذا جاء ووجد الصفوف مكتملة، فإنه يجوز أن يصلي وحده.
واستدلوا على صحتها في حالة العذر بأدلة:
أ- قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا).
وجه الدلالة من الآيتين: أن من لم يجد فرجة في الصف، ولم يجد من يصف معه، فوقف وحده، فإنه معذور قد أتى بما في وسعه، فتصح صلاته لعدم التكليف بما ليس في الوسع والقدرة.
ب-أن واجبات الصلاة تسقط بالعجز.
ورجحه ابن تيمية، وقال: ونظير ذلك أن لا يجد الرجل موقفاً إلا خلف الصف، فهذا فيه نزاع، بين المبطلين لصلاة المنفرد، والأظهر صحة صلاته في هذا الموضع، لأن جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز.
وقال ابن القيم: إن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه، وتعذر عليه الدخول في الصف، ووقف فذاً صحت صلاته للحاجة، وهذا هو القياس المحض، فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها.
واختاره الشيخ السعدي، وقال: وهذا القول هو الموافق لأصول الشريعة وقواعدها.
واختاره الشيخ الألباني، وقال: إذا لم يستطع الرجل أن ينضم إلى الصف فصلى وحده، الأرجح الصحة، والأمر محمول على من لم يستطع القيام بواجب الانضمام.
واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وبهذا تبين أن القول الراجح وجوب المصافة، وأن من صلى وحده خلف الصف فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها؛ لتركه واجب المصافة، ولكن هذا الواجب كغيره من الواجبات يسقط بفوات محله، أو بالعجز عنه عجزاً شرعياً، أو عجزاً حسياً لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم) وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)، فيجب أن يكون في الصف حيث وجد مكاناً فيه، فإن لم يجد مكاناً سقط عنه هذا الواجب، وكذلك إن لم يكن له مكان شرعاً فإنه يسقط عنه الواجب.