للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٦٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: - كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادِي، وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

===

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد: استحباب الدعاء بهذا الدعاء الجامع

قال القرطبي: هذا دعاء عظيم جمع خير الدنيا والآخرة والدين والدنيا.

ما معنى قوله: (اللَّهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري).

دعا بإصلاح الدين أولاً، لأنه أعظم المقاصد، وأهم المطالب؛ لأن من فسد دينه فقد خاب وخسر الدنيا والآخرة، وسؤال اللَّه إصلاح الدين هو أن يوفق إلى التمسك بالكتاب والسنة وفق هدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين في كل الأمور، وذلك يقوم على ركنين عظيمين:

الأول: الإخلاص للَّه وحده في كل عبادة.

والثاني: والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكون خالصاً صواباً.

فإن التمسك بهذين الأصلين عصمة للعبد من الشرور كلها، أسبابها، ونتائجها ونهاياتها، ومن مضلات الفتن، والمحن، والضلالات التي تضيع الدين والدنيا.

فنسأل اللَّه أن يصلح لنا ديننا الذي يحفظ لنا جميع أمورنا.

ما معنى قوله (وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي)؟

أي: أصلح لي عيشي في هذه الدار الفانية القصيرة، بأن أُعْطَى الكفاف والصلاح، فيما أحتاج إليه، وأن يكون حلالاً مُعيناً على طاعتك، وعبادتك على الوجه الذي ترضاه عني، وأسألك صلاح الأهل، من الزوجة الصالحة، والذرية والمسكن الهنيء، والحياة الآمنة الطيبة، قال جلّ شأنه (من عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون).

قوله (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة) أي: في الدنيا بالقناعة، وراحة البال، والرزق الحلال والتوفيق لصالح الأعمال.

[ما معنى قوله (وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي)؟]

أي: وفّقني للعمل الصالح الذي يرضيك عني، وملازمة طاعتك، والتوفيق إلى حسن الخاتمة حتى رجوعي إليك يوم القيامة، فأفوز بالجنان، قال اللَّه تعالى (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُود) لم يقل تعالى ممدود، بل قال (مَعْدُود) أي يُعدّ عدّاً إلى هذا اليوم العظيم، فينبغي لنا أن نعدّ العُدّة إلى هذا اليوم.

ما معنى قوله (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير)؟

أي: اجعل يا اللَّه الحياة سبباً في زيادة كل خير يرضيك عني من العبادة والطاعة.

ويُفهم من ذلك أن طول عمر المسلم زيادة في الأعمال الصالحة الرافعة للدرجات العالية في الدار الآخرة، كما سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ خير الناس؟ فقال (مَنْ طَالَ عُمْرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُه).

[ما معنى قوله (واجعل الموت راحة لي من كل شر)؟]

أي: اجعل الموت راحة لي من كل هموم الدنيا وغمومها من الفتن والمحن، والابتلاءات بالمعصية والغفلة، ويُفهم من ذلك أن المؤمن يستريح غاية الراحة، ويسلم السلامة الكاملة عند خروجه من هذه الدار، كما جاء في الصحيحين: أن رسول اللَّهِ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: (مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: (الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ، وَالْبِلَادُ، وَالشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>