للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٤٣ - وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اَللَّهَ كَتَبَ اَلْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا اَلْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا اَلذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

===

(إِنَّ اَللَّهَ كَتَبَ) الكتابة هنا تحتمل نوعين اثنين:

أن تكون الكتابة قدرية: ويكون المعنى أن الأشياء جارية على الإحسان بتقدير الله الذي ألهمها ذلك.

أو أن الكتابة شرعية: المعنى: إن الله كتب على عباده الإحسان إلى كل شيء، أي: أمرهم به.

(اَلْإِحْسَانَ) قَالَ القرطبي: والإحسان" هنا: بمعنى الإحكام، والإكمال، والتحسين فِي الأعمال المشروعة، فحقّ منْ شرع فِي شيء منها أن يأتي به عَلَى غاية كماله، ويُحافظ عَلَى آدابه المصحّحة، والمكمّلة، وإذا فعل ذلك قُبل عمله، وكثُر ثوابه.

(عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) "عَلَى" هنا بمعنى "فِي"، كما فِي قوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ): أي فِي ملكه، ويقال: كَانَ كذا عَلَى عهد فلان: أي فِي عهده. حكاه الْقُتبيّ

(فَإِذَا قَتَلْتُمْ) أي: أردتم قتل من يجوز قتله.

(فَأَحْسِنُوا اَلْقِتْلَةَ) أي: هيئة القتل، وإحسانها: اختيار أسهل الطرق وأخفها إيلاماً.

(وَإِذَا ذَبَحْتُمْ) أي أردتم ذبح ما يحل ذبحه من الحيوان.

(فَأَحْسِنُوا اَلذِّبْحَةَ) أي: هيئة الذبح، بأن يكون بسكين حادة، وأن يعجل إمرارها.

(وَلْيُحِدَّ) أي: ليسن.

(شَفْرَتَهُ) أي: السكين.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد الأمر بالإحسان عند ذبح الذبيحة.

فإن قيل: كيف الإحسان عند ذبح الذبيحة؟

فالجواب: بإيقاع ذلك وفق الصفة الشرعية.

قالَ القرطبيّ: وإحسان الذبح فِي البهائم: الرفقُ بالبهيمة، فلا يصرعها بعنف، ولا يجُرّها منْ موضع إلى موضع، وإحداد الآلة، وإحضار نيّة الإباحة والقربة، وتوجيهها إلى القبلة، والتسمية، والإجهاز، وقطع الودجين، والحلقوم، وإراحتها، وتركها إلى أن تبرُد، والاعتراف لله تعالى بالمنّة، والشكر له عَلَى النعمة بأنه سخّر لنا ما لو شاء لسلّطه علينا، وأباح لنا ما لو شاء لحرّمه علينا.

وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- مثالاً للإحسان:

أولاً: الإحسان بالقتل.

فإذا قتلت شيئاً يباح قتله فأحسن القتلة، فلو أن شخصاً آذاه كلب من الكلاب وأراد أن يقتله، فهناك طرق لقتله، لكن عليه أن يختار أسهلها وأيسرها كالصعق الكهربائي.

أيضاً من استحق القتل، قتل بضرب عنقه بالسيف من دون تمثيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>