• من مات وعليه دين لم يستطع أداءه لفقره هل تبقى روحه مرهونة معلقة؟
أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه).
وهذا محمول على من ترك مالاً يقضى منه دينه، أما من لا مال له يقضى منه فيرجى ألا يتناوله هذا الحديث؛ لقوله سبحانه وتعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وقوله سبحانه (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة).
كما لا يتناول من بيّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة، ومات ولم يتمكن من الأداء؛ لما روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله). (فتاوى اللجنة الدائمة).
قال ابن عبد البر: والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة، والله أعلم، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يؤد، أو ادَّانه في غير حق، أو في سرف ومات ولم يؤده، وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعسرةٍ، ومات ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله.
• هل ديون الميت الآجلة تحل بموته؟
ديون الميت الآجلة تحلُّ ويسقط الأجل بموت المدين على الراجح من أقوال أهل العلم.
وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والمالكية، والظاهرية والحنابلة في رواية.
قال ابن قدامة المقدسي: فأما إن مات وعليه ديون مؤجلة، فهل تحل بالموت؟ فيه روايتان إحداهما: لا تحل إذا وثَّق الورثة، وهو قول ابن سيرين وعبيد الله بن الحسن وإسحاق وأبي عبيد. وقال طاووس وأبو بكر بن محمد بن الزهري وسعيد بن إبراهيم: الدينُ إلى أجله، وحكي ذلك عن الحسن.
والرواية الأخرى: أنه يحلُّ بالموت.
وبه قال الشعبي، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
لأنه لا يخلو إما أن يبقى في ذمة الميت أو الورثة أو يتعلق بالمال، لا يجوز بقاؤه في ذمة الميت، لخرابها وتعذر مطالبته بها، ولا ذمة الورثة، لأنهم لم يلتزموها ولا رضيَ صاحبُ الدين بذممهم وهي مختلفة متباينة، ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله، لأنه ضررٌ بالميت وصاحب الدين ولا نفع للورثة فيه، أما الميت فلأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (الميت مرتهنٌ بدينه حتى يُقضى عنه) وأما صاحبه فيتأخر حقه وقد تتلف العين فيسقط حقه، وأما الورثة فإنهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرفون فيها، وإن حصلت لهم منفعةٌ فلا يسقط حظ الميت وصاحب الدين لمنفعةٍ لهم. (المغني).