• هل يترتب على القسامة قصاص أم لا؟
الراجح من أقوال العلماء أنه يجري فيها القصاص.
فإذا وجد القتيل المجهول القاتل، ووجدت القرائن على قاتله، وحلف أولياء المقتول خمسين يميناً على صحة دعواهم، فإنهم يستحقون دم المدَّعى عليه إذا كان القتل عمداً محضاً.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته). والرمة: الحبل الذي يربط به عليه القود.
وفي رواية لمسلم (فيُسَلّم إليكم).
وفي لفظ (وتستحقون دم صاحبكم) فأراد دم القاتل، لأن دم القتيل ثابت لهم قبل اليمين.
قال ابن قدامة: إن الأولياء إذا حلفوا استحقوا القَوَد إذا كانت الدعوى عمداً.
روي ذلك عن ابن الزبير، وعن عمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك، وأبو ثور، وابن المنذر.
لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (يقسم خمسون منكم على رجل منهم، فيدفع إليكم برمته).
وفي رواية مسلم (فيسلم إليكم) وفي لفظ (وتستحقون دم صاحبكم) وأراد دم القاتل؛ لأن دم القتيل ثابت لهم قبل اليمين ولأنها حجة يثبت بها العمد، فيجب بها القود، كالبينة.
وقد روى الأثرم، بإسناده عن عامر الأحول (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقاد بالقسامة الطائفة) وهذا نص.
ولأن الشارع جعل القول قول المدعي مع يمينه، احتياطاً للدم، فإن لم يجب القود، سقط هذا المعنى. (المغني).
وقال النووي: وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَا فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْل عَمْدًا هَلْ يَجِب الْقِصَاص بِهَا؟
فَقَالَ مُعْظَم الْحِجَازِيِّينَ: يَجِب، وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيّ وَرَبِيعَة وَأَبِي الزِّنَاد وَمَالِك وَأَصْحَابه وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي ثَوْر وَدَاوُد، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم. وَرُوِيَ عَنْ اِبْن الزُّبَيْر وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز، قَالَ أَبُو الزِّنَاد: قُلْنَا بِهَا وَأَصْحَاب رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- مُتَوَافِرُونَ، إِنِّي لَأَرَى أَنَّهُمْ أَلْف رَجُل، فَمَا اِخْتَلَفَ مِنْهُمْ اِثْنَان. (شرح مسلم).
وقال الحافظ ابن حجر: واستدل به على القود في القسامة لقوله (فتستحقون قاتلكم) وفي الرواية الأخرى (دم صاحبكم).
وقال بن دقيق العيد: الاستدلال بالرواية التي فيها (فيدفع برمته) أقوى من الاستدلال بقوله (دم صاحبكم) لأن قوله (يدفع برمته) لفظ مستعمل في دفع القاتل للأولياء للقتل.