القول الثالث: سنة عند الحاجة وإلا فلا.
وهذا اختيار ابن قدامة، والشيخ السعدي رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين.
قال السعدي: أصح الأقوال الثلاثة في جلسة الاستراحة استحبابها للحاجة إليها، واستحباب تركها عند عدم الحاجة إليها.
قال في المغني: وبهذا القول تجتمع الأدلة.
• ما الحكم إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة، فهل للمأموم أن يفعلها؟
اختلف العلماء هل الأفضل للمأموم أن يجلس للاستراحة أم لا؟ وسبب الخلاف في المسألة هو: هل جلوس المأموم في هذه الحال وتأخره عن الإمام ينافي المتابعة التي أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أم لا؟
القول الأول: أن المأموم يجلس للاستراحة ولو لم يجلسها الإمام، وتأخر المأموم في هذه الحال يسير لا يضر.
قال النووي: وَإِنْ تَرَكَ الإِمَامُ جلْسَةَ الاسْتِرَاحَةِ أَتَى بِهَا الْمَأْمُومُ، قَالَ أَصْحَابُنَا (يعني الشافعية): لأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهَا يَسِيرَةٌ.
القول الثاني: أنه لا يجلسها.
واختار هذا الشيخ ابن عثيمين.
وقال الشيخ ابن عثيمين في (الشرح الممتع) مسألة: إذا كان الإنسان مأموماً فهل يُسن له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سنة أو متابعة الإمام أفضل؟
الجواب: أن متابعة الإمام أفضل، ولهذا يترك الواجب وهو التشهد الأول، ويفعل الزائد كما لو أدرك الإمام في الركعة الثانية فإنه سوف يتشهد في أول ركعة فيأتي بتشهد زائد من أجل متابعة الإمام، بل يترك الإنسان الركن من أجل متابعة الإمام، فقد قال النبي -عليه السلام-: (إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً (فيترك ركن القيام وركن الركوع، فيجلس في موضع القيام، ويومئ في موضع الركوع، كل هذا من أجل متابعة الإمام.
فإن قال قائل: هذه الجلسة يسيرة لا يحصل بها تخلف عن الإمام.
فالجواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا كبّر فكبروا) فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون مهلة، وهذا يدل على أن الأفضل في حق المأموم ألا يتأخر عن الإمام ولو يسيراً، بل يبادر بالمتابعة، فلا يوافق، ولا يسابق، ولا يتأخر، وهذا هو حقيقة الائتمام. ا. هـ