ومنها: أن في سؤال الله عبودية عظيمة، لأنها إظهار للافتقار إليه، واعتراف بقدرته على قضاء الحوائج، وفي سؤال المخلوق ظلم، لأن المخلوق عاجز عن جلب النفع لنفسه ودفع الضر عنها، فكيف يقدر على ذلك لغيره.
قال بعض السلف: إني لأستحي من الله أن أسأله الدنيا وهو يملكها فكيف أسألها ممن لا يملكها؟ يعني المخلوق.
ومنها: أن الله يحب أن يُسأل، ويغضب على من لا يسأل، فإنه سبحانه يريد من عباده أن يرغبوا إليه ويسألوه ويدعوه ويفتقروا إليه، ويحب الملحين في الدعاء، والمخلوق غالباً يكره أن يُسأل لفقره وعجزه.
قال أبو العتاهية:
الله يغضب إن تركتَ سؤاله وبُنيّ آدم حين يسأل يغضب
فاجعل سؤالك للإله فإنما في فضل نعمة ربنا نتقلب.
[اذكر مفاسد سؤال المخلوقين؟]
قال ابن تيمية: سؤال المخلوقين فيه ثلاث مفاسد:
الأولى: مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك.
والثانية: مفسدة إيذاء المسؤول وهي نوع من ظلم الخلق.
والثالثة: فيه ذل لغير الله وهو ظلم للنفس، فهو مشتمل على أنواع الظلم الثلاثة ....
ماذا نستفيد من قوله -صلى الله عليه وسلم- (وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ)؟
وجوب الاستعانة بالله وحده تعالى.
وهذا منتزع من قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وهي كلمة عظيمة جامعة يقال: إن سر الكتب الإلهية كلها ترجع إليها وتدور عليها.
وفي استعانة الله فائدتان:
إحداهما: أن العبد عاجز عن الاستقلال بنفسه في عمل الطاعات.
والثانية: أنه لا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله الله فهو المخذول.
وفي الحديث (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته ويعلم أصحابه أن يقولوا (الحمد لله نستعينه ونستهديه).
وأمر معاذ بن جبل أن لا يدع في دبر كل صلاة أن يقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).