٥٧٧ - وَعَنْ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: "اِسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم.
===
• ما صحة حديث الباب؟
الحديث إسناده حسن، في إسناده هانئ مولى عثمان وهو صدوق، فالحديث حسن، وقد صححه النووي وابن حجر.
• ماذا نستفيد من حديث الباب؟
نستفيد: استحباب الدعاء للميت بعد دفنه بهذا الدعاء الوارد.
• ما حكم الموعظة عند القبر؟
لا تشرع الموعظة عند القبر.
حيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرد عنه ذلك ولم يفعل، وإنما الوارد هو الدعاء له بالثبات والاستغفار.
وهذا هو الصحيح، فلم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الصحابة الوعظ عند القبر.
وقد ورد حديث البراء قال: (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمّا يلحد، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر … ) رواه أبو داود.
فهذا يدل على جواز الموعظة عند القبر في بعض الأحيان وليس ذلك سنة راتبة، بل إن قول البراء في الحديث (ولمّا يلحد) دليلاً على أن الوعظ كان لعارض وهو تأخر دفن الميت، لأن القبر لم يجهز، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- موعظة أصحابه إلى أن يُنتهى من تجهيز القبر.
• ما أفضل ما يقدم للميت؟
الدعاء هو أفضل ما يقدم للميت.
قال النووي: أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصلهم ثوابه.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اغفر لحينا وميتنا).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له … ) رواه مسلم.
• هل العبد يسأل في قبره؟
نعم، من عقيدة أهل السنة والجماعة: إثبات سؤال القبر، وأن العبد إذا وضع في قبره يسأل، والأدلة على ذلك كثيرة:
أ- عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ». قَالَ «يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ». قَالَ «فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». قَالَ «فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الْجَنَّةِ». قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً». قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خَضِراً إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) متفق عليه.