قال العلماء: وفي هذا تنبيه من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن الإبل غير محتاجة إلى الحفظ بما ركب الله في طباعها من الجلادة على العطش وتناول الماء بغير تعب لطول عنقها وقوتها على المشيء.
(حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا) أي صاحبها الذي أضلها.
• اللقطة من حيث الالتقاط على ثلاثة أضرب اذكرها؟
اللقطة باعتبار الشيء الملقوط هل يملك أو لا؟ وهل يُعرّف أو لا؟ ثلاثة اضرب؟
الضرب الأول: ما تقل قيمتُه ولا تتبعه همة أوساط الناس، كالسوط والرغيف والقلم إذا كان رخيصاً كقلم الرصاص ونحوهمِا، فيُملك بلا تعريف.
فهذا النوع يملك بلا تعريف، أي يملكه واجده بمجرد التقاطه، ويباح له الانتفاع به، ولا يحتاج إلى تعريف.
لحديث - الباب - أنس (مَرَّ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِتَمْرَةٍ فِي اَلطَّرِيقِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا).
فهذا دليل على أن التمرة ونحوها مما لا تتبعه همة أوساط الناس، إذا وجدها الإنسان ملقاة في الطريق يأخذها ويأكلها إن شاء، لأنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه لم يمتنع من أكلها إلا تورعاً، خشية أن تكون من الصدقة التي حرمت، لا لكونها مرمية في الطريق فقط، مما يدل على أنه ليس لها حكم اللقطة.
قال الحافظ ابن حجر: قوله (لأكلتها) ظاهر في جواز أكل ما يوجد من المحقرات ملقى في الطرقات، لأنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه لم يمتنع من أكلها إلا تورعاً لخشية أن تكون من الصدقة التي حرمت عليه، لا لكونها مرمية في الطريق فقط، فلو لم يخش ذلك لأكلها، ولم يذكر تعريفاً، فدل على أن مثل ذلك يملك بالأخذ ولا يحتاج إلى تعريف.
قال الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام": دل الحديث على جواز أخذ الشيء الحقير الذي يتسامح به، ولا يجب التعريف به، وأن الآخذ يملكه بمجرد الأخذ له.
قال ابن قدامة: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به.
• لكن يشترط في هذا القسم أن لا يكون عالماً بصاحبه.
الضرب الثاني: الضوال التي تمتنع من صغار السباع، كالإبل، فلا تملك بالالتقاط مطلقاً.
فهذا يحرم التقاطه، ولا يملك بالتعريف.
صغار السباع: كالذئب والثعلب ونحوها.
والذي يمتنع من صغار السباع: إما لضخامته (كالإبل، والخيل، والبقر، والبغال)، وإما لطيرانه (كالطيور)، وإما لسرعة عدوها (كالظباء)، وإما لدفعها عن نفسها بنابها (كالفهد).
والدليل على تحريم أخذه حديث زيد بن خالد (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل ضالة الإبل؟ فقال: مالك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها).