كِتَابُ اَلْبُيُوعِ
بَابُ شُرُوطِهِ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْهُ
[مقدمة]
[تعريف البيع]
لغة: أخذ شيء وإعطاء شيء، وسمي بيعاً من الباع، لأن كلاً من الآخذ والمعطي يمد يده.
واصطلاحاً: هو مبادلة مال بمال على التأبيد غير ربا وقرض.
قولنا (على التأبيد) احترازاً من الإجارة، فالإجارة مبادلة مال بمال ولكن ليس على سبيل التأبيد.
مثال: كأن أشتري منك هذا البيت لمدة سنة، هذا ليس بيعاً لكن إجارة.
قولنا (غير ربا) فإنه ليس من البيع لقوله تعالى (وحرم الربا)، مع أنه مبادلة.
مثال: كأن أعطيك ريال بريالين.
أن التفريق بينهم في الحكم دليل على التفريق بينهما في الحقيقة، فإن حقيقة البيع غير حقيقة الربا لأن الله فرق بينهما.
قولنا (وقرض) فالقرض لا يسمى بيعاً، وإن كان فيه مبادلة، لأن القصد من القرض الإرفاق والإحسان، والبيع القصد منه المعاوضة.
• المال يطلق على كل شيء له قيمة سواء كان نقداً (كالذهب والفضة) أو كان منقولاً (كالكتب والأقلام والثياب .. ) وهكذا الدواب والبهائم.
أ-ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- (ما من صاحب مال لا يؤدي زكاتها .. ثم ذكر الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم، فاعتبر الإبل والبقر والغنم مالاً.
ب- وفي حديث الأعمى (أمسك عليك مالك) وقد كان له واد من الغنم.
قال العلماء: سمي المال مالاً لأن النفس تميل إليه.
• ما حكم البيع؟
البيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع والقياس:
أ-قال تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ).
ب-وقال تعالى (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) فهذا دليل على مشروعيته، لأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر بالإشهاد إلا على أمر مباح.
ج-وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فمنع سبحانه من البيع قبل الصلاة بعد الأذان للجمعة وفي أثنائها، ثم أذِنَ فيه بعد الصلاة، والأمر إذا جاء بعد نهي فهو إباحة.
د-وقال -صلى الله عليه وسلم- (البيعان بالخيار) متفق عليه.
هـ-وقال -صلى الله عليه وسلم- (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) رواه البخاري.
و-عن رفاعة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل أي الكسب أطيب؟ قال (عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور) رواه البزار.
ز-وعن حكيم بن حزام (أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إنه يأتيني الرجل يريد البيع ليس عندي فأذهب إلى السوق فأشتريه، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تبع ما ليس عند) رواه الترمذي، فدل بمفهومه على جواز بيع ما عنده.
وأجمع المسلمون على جوازه.