للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشوكاني: وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته.

فلم يختلف العلماء في تقديم الزوجة على الوالدين في النفقة، وإنما اختلفوا في الزوجة والولد أيهما يقدم؟

قال ابن قدامة: وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ إلَّا نَفَقَةُ شَخْصٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ، فَالنَّفَقَةُ لَهَا دُونَ الْأَقَارِبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ جَابِر (إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى قَرَابَتِه).

وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ مُوَاسَاةٌ، وَنَفَقَةَ الْمَرْأَةِ تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُوَاسَاةِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ مَعَ يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا، وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ ذَلِك. (المغني).

وجاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته: إذا تعدد مستحقو النفقة ولم يكن لهم إلا قريب واحد، فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه الإنفاق، وإن لم يستطع بدأ بنفسه، ثم بولده الصغير أو الأنثى، أو العاجز، ثم بزوجته. وقال الحنابلة: تقدم الزوجة على الولد، ويقدَّم الأب على الأم لفضيلته، وانفراده بالولاية، واستحقاق الأخذ من ماله. وقال ابن قدامة: الأولى التسوية بينهما. وقيل عند الشافعية: يقدم الأب، وقيل: الأم والأب سواء.

قال الشيخ ابن عثيمين: " فالصواب أنه يبدأ بنفسه، ثم بالزوجة، ثم بالولد، ثم بالوالدين، ثم بقية الأقارب.

• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟

- أن الحقوق إذا تزاحمت يبدأ بالأوكد فالأوكد.

- أن الأم أحق بالبر من الأب.

قال النووي في سرح حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أَبُوكَ).

الصَّحَابَة هُنَا بِفَتْحِ الصَّاد بِمَعْنَى الصُّحْبَة. وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى بِرّ الْأَقَارِب، وَأَنَّ الْأُمّ أَحَقّهمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدهَا الْأَب، ثُمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب. قَالَ الْعُلَمَاء: وَسَبَب تَقْدِيم الْأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ، وَشَفَقَتهَا، وَخِدْمَتهَا، وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله، ثُمَّ وَضْعه، ثُمَّ إِرْضَاعه، ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه، وَغَيْر ذَلِكَ. وَنَقَلَ الْحَارِث الْمُحَاسِبِيّ إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْأُمّ تُفَضَّل فِي الْبِرّ عَلَى الْأَب، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض خِلَافًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْجُمْهُور بِتَفْضِيلِهَا، وَقَالَ بَعْضهمْ: يَكُون بِرّهمَا سَوَاء. قَالَ: وَنَسَبَ بَعْضهمْ هَذَا إِلَى مَالِك، وَالصَّوَاب الْأَوَّل لِصَرِيحِ هَذِهِ الْأَحَادِيث فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُور. وَاَللَّه أَعْلَم. قَالَ الْقَاضِي: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأُمّ وَالْأَب آكَد حُرْمَة فِي الْبِرّ مِمَّنْ سِوَاهُمَا. قَالَ: وَتَرَدَّدَ بَعْضهمْ بَيْن الْأَجْدَاد وَالْإِخْوَة لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك قَالَ أَصْحَابنَا: يُسْتَحَبّ أَنْ تُقَدَّم فِي الْبِرّ الْأُمّ، ثُمَّ الْأَب، ثُمَّ الْأَوْلَاد، ثُمَّ الْأَجْدَاد وَالْجَدَّات، ثُمَّ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات، ثُمَّ سَائِر الْمَحَارِم مِنْ ذَوِي الْأَرْحَام كَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّات، وَالْأَخْوَال وَالْخَالَات، وَيُقَدَّم الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب. (نووي)

<<  <  ج: ص:  >  >>