٦١٥ - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ (أَمَرَنَا رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَرَصْتُمْ، فَخُذُوا، وَدَعُوا اَلثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا اَلثُّلُثَ، فَدَعُوا اَلرُّبُعَ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا اِبْنَ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِم.
٦١٦ - وَعَنْ عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ (أَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُخْرَصَ اَلْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ اَلنَّخْلُ، وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَفِيهِ اِنْقِطَاع.
===
(إِذَا خَرَصْتُمْ) أيها السعاة، و الخرص هو تقدير الشيء وخرصه بالظن والتخمين.
(فَخُذُوا) أي: خذوا زكاة المخروص.
(وَدَعُوا اَلثُّلُثَ) أي: اتركوا.
• ما صحة أحاديث الباب؟
- حديث سهل فيه إسناده عبد الرحمن بن نِيَار، قال عنه الذهبي: لا يعرف، والحديث له شواهد.
منها: حديث أبي حميد الساعدي في خرص النبي -صلى الله عليه وسلم- حديقة المرأة في طريقهم إلى تبوك.
ومنها: بعثه -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن رواحة إلى خيبر ليخرص على اليهود نخيلهم.
- وحديث عتاب بن أَسِيد، من طريق سعيد بن المسيب عن عتاب، قال أبو داود: سعيد لم يسمع من عتاب شيئاً،
وقال المنذري: انقطاعه ظاهر لأن مولد سعيد في خلافة عمر ومات عتاب في خلافة أبي بكر.
• ماذا نستفيد من حديث الباب؟
نستفيد: أنه دليل على مشروعية خرص الثمار، كالنخل والعنب، وذلك إذا بدا صلاح الثمار، فيأتي الخارص ويقدر ما على النخل من الرطب تمراً، وما على شجر العنب زبيباً، فيطوف بالنخيل، ويرى جميع ثمرتها ثم يقول: خرصها كذا وكذا رطباً، ويجيء كذا وكذا يابساً، وكذا العنب، فيقدر ذلك بغير وزن ولا كيل، ليعرف مقدار الزكاة فيه، فإذا جفت الثمار أُخذتْ منها الزكاة التي سبق تقديرها بالخرص.
• عرف الخرص؟
هو: حزر مقدار الثمرة في رؤوس النخل وزناً.
• ما الذي يخرص؟
الذي يخرص الثمار كالعنب والتمر، لأن الثمرة فيها بارزة يمكن الإحاطة به.
وأما الحبوب فلا تخرص، لأن الحبوب تكون مستترة.
قال ابن قدامة: وَيُخْرَصُ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْأَثَرِ فِيهِمَا، وَلَمْ يُسْمَعْ بِالْخَرْصِ فِي غَيْرِهِمَا، فَلَا يُخْرَصُ الزَّرْعُ فِي سُنْبُلِهِ.
وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِالْخَرْصِ فِيهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ تُؤْكَلُ رُطَبًا، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ، لِيُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَكْلِ الثَّمَرَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، ثُمَّ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ مِنْهَا عَلَى مَا خُرِصَ، وَلِأَنَّ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ ظَاهِرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ، فَخَرْصُهَا أَسْهَلُ مِنْ خَرْصِ غَيْرِهَا، وَمَا عَدَاهُمَا فَلَا يُخْرَصُ.