وقال أبو حنيفة: ذلك في المتوفى عنها زوجها، وأما المطلقة فلا تخرج ليلاً ولا نهاراً.
وقال الجمهور المراد بهذا الحديث: إن الجذاذ بالنهار عرفاً وشرعاً، أما العرف، فهو عادة الناس في مثل ذلك الشغل، وأما الشرع، فقد نهى -صلى الله عليه وسلم- عن جداد الليل.
قال الصنعاني: والحديث دليل على جواز خروج المعتدة من طلاق بائن من منزلها في النهار للحاجة إلى ذلك، ولا يجوز لغير حاجة، وقد ذهب إلى ذلك طائفة من العلماء، وقالوا: يجوز الخروج للحاجة والعذر ليلاً ونهاراً كالخوف وخشية انهدام المنزل ويجوز إخراجها إذا تأذت بالجيران، أو تأذوا بها أذى شديداً، لقوله تعالى (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)، وفُسّر الفاحشة بالبذاءة على الأحماء وغيرهم.
وذهبت طائفة منهم إلى جواز خروجها نهاراً مطلقا دون الليل للحديث المذكور، وقياساً على عدة الوفاة، ولا يخفى أن الحديث المذكور علل فيه جواز الخروج برجاء أن تصدق، أو تفعل معروفاً، وهذا عذر في الخروج. وأما لغير عذر، فلا يدل عليه.
• ما حكم خروج المطلقة الرجعية؟
يجوز بإذن زوجها.
لأن المطلقة طلاقاً رجعياً زوجة، لها ما للزوجات وعليها ما على الزوجات.
فعن ابن عمر أنه كان يقول:(إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين لم تخرج من بيتها إلا بإذنه) رواه ابن أبي شيبة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: القول الراجح أن المرأة المطلقة إذا كان الطلاق رجعياً، فهي كالزوجة التي لم تطلق أي أن لها أن تخرج إلى جيرانها أو أقاربها أو إلى المسجد لسماع المواعظ أو ما أشبه ذلك، وليست كالتي مات عنها زوجها، وأما قوله تعالى:(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ)، فالمراد بالإخراج المفارقة يعني لا تفارق البيت وتخرج وتسكن في بيت آخر .. " انتهى من فتاوى "نور على الدرب"