وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: نقل الأذان بواسطة التسجيل: لا يجزئ عن الأذان الشرعي؛ وذلك لأن الأذان الشرعي ذِكر وثناء على الله، ولا بد فيه من عمل، والتسجيل ليس بعمل؛ فإنك إذا سمعت المسجل لا يعني ذلك أن المسجل يعمل عبادة يتقرب بها إلى الله، وإنما هو سماع صوت شخص، ربما يكون قد مات أيضاً، فلا يجزئ عن الأذان الشرعي، فلا بد من أذان شرعي يقوم به المكلف يكبر الله، ويشهد له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة، ويدعو إلى الصلاة، وإلى الفلاح، لا بد من هذا، وإذا قلنا إن ما سجل ليس بأذان مشروع: فإنه لا تشرع إجابته، أي: لا يشرع للإنسان أن يتابعه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) ونحن في الحقيقة لم نسمع المؤذن، وإنما سمعنا صوتاً مسجَّلاً سابقاً.
وأما قول السائل: ما الفرق بين ما نقل على الهواء وما نقل بواسطة التسجيل: فالفرق ظاهر؛ لأن ما نقل على الهواء: فهو صوت المؤذن الذي يؤذن الأذان الشرعي، فهذا يجاب، ويتابع، ويدعو بعد المتابعة بما وردت به السنَّة، وأما الأذان المسجل: فليس أذاناً في الواقع، كما أشرنا إليه. (فتاوى نور على الدرب).
• هل تعاد الإقامة إذا أقام المؤذن وحصل عذر وتأخر الإمام لفترة؟
السنة: أن يحرم الإمام بالصلاة بعد فراغ المؤذن ولا يتأخر عن ذلك إلا بمقدار ما يأمر الناس بتسوية الصفوف ويتأكد من ذلك.
فإن أقام المؤذن الصلاة ثم حصل عذر أدى إلى تأخير دخول الإمام في الصلاة فلا حرج في ذلك، ولا يحتاج إلى إعادة إقامة الصلاة.
وقد دل على ذلك حديثان:
الحديث الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:(أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَقَدَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى مَكَانِكُمْ، فَرَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ) رواه البخاري.
زاد الدار قطني في سننه من وجه آخر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فقال (إني كنت جنباً فنسيت أن أغتسل).
قال الحافظ ابن حجر: في الحديث جواز الفصل بين الإقامة والصلاة؛ لأن قوله (فصلى) ظاهر في أن الإقامة لم تُعد … (الفتح) وقال بدر الدين العيني: فإن قلت: هل اقتصر على الإقامة الأولى أو أنشأ إقامة ثانية؟ قلت: لم يصح فيه نقل، ولو فعله لنقل. (عمدة القاري).
وقال رحمه الله أيضاً: ويستفاد من الحديث: أن الإمام إذا أقام الصلاة، ثم ظهر أنه محدث ومضى ليزيل حدثه، أي حدث كان، وأتى لا يحتاج إلى تجديد إقامة ثانية؛ لأن ظاهر الحديث لم يدل على هذا.