ثامناً: من صفات المتقين.
قال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
وأعظم سبب يقود للعفو عن الناس، ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته النفيسة (قاعدة في الصبر) الأسباب التي تُعين المسلم على الصبر على أذى الناس قال: الثالث: أنْ يَشْهَدَ العبدُ حُسْنَ الثواب الذي وعده الله لمن عفى وصبر، كما قال تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
[اذكر بعض أقوال السلف في فضل العفو؟]
قال عمر: كل الناس في حل مني.
قال الحسن: أفضل أخلاق المؤمن العفو.
وعن أيوب قال: لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عنهم.
وهذا زين العابدين بن علي-رضي الله عنه-أتت جاريته تصب الماء عليه فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه فقالت: والكاظمين الغيظ فقال: كظمت غيظي، قالت: والعافين عن الناس قال: عفوت عنك، قالت: والله يحب المحسنين، قال: أنت حرة لوجه الله.
قال ابن حبان: الواجب على العاقل توطين النفس على لزوم العفو عن الناس كافة، وترك الخروج لمجازاة الإساءة! إذ لا سبب لتسكين الإساءة أحسنُ من الإحسان، ولا سبب لنماءِ الإساءة وتهييجها أشدُّ من الاستعمال بمثلها.
وقال عمر بن عبد العزيز: أحب الأمور إلى الله ثلاثة: العفو في القدرة، والقصد في الجدة، والرفق في العبادة، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله به يوم القيامة.
وراحت النفس في العفو: فقد قال أحد الشعراء:
لما عفوت، ولم أحقد على أحدٍ … أرحت قلبي من غم العداوات
إني أحي عدوي عند رؤيته … لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه … كأنما قد حشى قلبي محبات.