٨٦٠ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَاناً قَدِمَ لَهُ بَزٌّ مِنَ الشَّامِ، فَلَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ، فَأَخَذْتَ مِنْهُ ثَوْبَيْنِ بِنَسِيئَةٍ إِلَى مَيْسَرَةٍ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَامْتَنَعَ) أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
===
- (بَزٌّ مِنَ الشَّامِ) بفتح الباء والزاي المشددة، نوع من الثياب الغليظة.
(بِنَسِيئَةٍ) أي: يؤخر تسليم الثمن.
(إِلَى مَيْسَرَةٍ) أي: مؤجلاً إلى وقت اليسر والسعة والغنى.
• ما صحة حديث الباب؟
حديث صحيح، أخرجه الترمذي وأحمد أيضاً.
• ما حكم البيع إلى ميسرة؟
البيع إلى الميسرة محل خلاف بين أهل العلم.
فإن الميسرة أجل مجهول فلا يصح عند جماهير العلماء.
قال الشيرازي في المهذب: إن باع بثمن مؤجل لم يجز إلى مجهول، كالبيع إلى العطاء، لأنه عوض في بيع، فلم يجز إلى أجل مجهول كالمسلم فيه. اهـ.
وقال النووي في شرحه: اتفقوا على أنه لا يجوز البيع بثمن إلى أجل مجهول. انتهى.
وجاء في (الموسوعة الفقهية) اتفق الفقهاء على عدم جواز التأجيل إلى ما لا يعلم وقت وقوعه ـ حقيقة أو حكماً ـ ولا ينضبط، وهو الأجل المجهول وذلك كما لو باعه بثمن مؤجل إلى قدوم زيد من سفره، أو نزول مطر، أو هبوب ريح، وكذا إذا باعه إلى ميسرة، واختلفوا في أثر هذا التأجيل على التصرف فيرى الحنفية والمالكية والشافعية ـ وهو رأي للحنابلة ـ أنه لا يصح العقد أيضا، وذلك لأنه أجل فاسد فأفسد العقد.
ويرى الحنابلة أن الأجل المجهول في البيع يفسد، ويصح البيع، وفي السلم يفسد الأجل والسلم. انتهى.
ومن أهل العلم من يستثني البيع إلى ميسرة من اشتراط معلومية الأجل.
لحديث الباب.
قال الصنعاني: فيه دليل على بيع النسيئة وصحة التأجيل إلى ميسرة. اهـ.
والراجح هو قول الجمهور وأن البيع إلى الميسرة لا يصح، وهو من الأجل المجهول.
وأما حديث الباب فالجواب عنه:
قال البيهقي: هذا محمول على أنه استدعى البيع إلى الميسرة، لا أنه عقد إليها بيعا، ثم لو أجابه إلى ذلك أشبه أن يوقت وقتاً معلوماً، أو يعقد البيع مطلقاً ثم يقضيه متى ما أيسر. اهـ.
قال ابن قدامة: إن قيل: فقد روي عن عائشة أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي أن ابعث إلي بثوبين إلى الميسرة، قلنا: قال ابن المنذر: رواه حرمي بن عمارة، قال أحمد: فيه غفلة هو صدوق. قال ابن المنذر: فأخاف أن يكون من غفلاته إذ لم يتابع عليه. ثم لا خلاف في أنه لو جعل الأجل إلى الميسرة لم يصح. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري، والعيني في عمدة القاري: الحق أنه لا دلالة فيه على المطلوب، لأنه ليس في الحديث إلا مجرد الاستدعاء فلا يمتنع أنه إذا وقع العقد قيد بشروطه، ولذلك لم يصف الثوبين. انتهى.