١٤٣٤ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (يُودَى الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الْحُرِّ، وَبِقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ الْعَبْد) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
===
(يُودَى) بضم الياء أي: يعطى دية.
(بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ) أي: بحصة ما صار منه حراً بأداء بعض نجوم الكتابة.
(وَبِقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ الْعَبْد) أي: ويعطى المكاتب دية العبد بقدر ما بقي منه عبداً.
[ما صحة حديث الباب؟]
هذا الحديث اختلف فيه اختلافاً كبيراً ومداره على عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس، واختلف في وصله وإرساله وسيأتي كلام البيهقي فيه إن شاء الله.
[ما معنى الحديث؟]
والمعنى: أنه -صلى الله عليه وسلم- حكم للمكاتب إذا قُتِل أنه يُعطى دية الحر بقدر ما أدّى منْ مال الكتابة؛ لأنه حر بقدر ذلك، ويُعطى دية العبد بقدر ما بقي، فلو أدّى نصفه مثلاً، يعطى نصف دية الحرّ، ونصف دية العبد.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
هذا الحديث يدل على أن المكاتب إذا أدى بعض أقساط دين الكتابة، أنه يكون مبعضاً، بعضه حر وبعضه رقيق.
فإذا قتل المكاتب فإن فيه دية حر ودية رقيق، بقدر ما فيه من الحرية وما بقي فيه من الرق، فعلى قاتله نصف دية حر ونصف قيمته.
وهذا الحديث معارض بالحديث الذي تقدم (أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم).
فالراجح مذهب الجمهور أنه لا يثبت له شيء من أحكام الأحرار حتى يستكمل حريته.
قَالَ فِي "المغني": قَالَ الخطّابيّ: أجمع عوام الفقهاء، عَلَى أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فِي جنايته، والجناية عليه، إلا إبراهيم النخعي، فإنه قَالَ فِي المكاتب يُؤدي بقدر ما أدى منْ كتابته دية الحر، وما بقي دية العبد، ورُوي فِي ذلك شيء عن علي رضي الله عنه، وَقَدْ رَوَى أبو داود فِي "سننه"، والإمام أحمد فِي "مسنده"، قَالَ: حدثنا محمد بن عبد الله، ثنا هشام بن أبي عبد الله، قَالَ: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي المكاتب، يُقتل أنه يُودَى ما أدى منْ كتابته دية الحر، وما بقي دية العبد، قَالَ الخطّابيّ: وإذا صح الْحَدِيث وجب القول به، إذا لم يكن منسوخًا، أو معارضا بما هو أولى منه. (المغني)
قال البيهقي: حديث عكرمة إذا وقع فيه الاختلاف وجب التوقف فيه، وهذا المذهب إنما يروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أنه يعتق بقدر ما أدى وفي ثبوته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر والله أعلم. (السنن الكبرى)