٩٧ - وَلِلسَّبْعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ (لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا).
===
(لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ) أي: الكعبة.
(وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) قال النووي: قال العلماء: هذا خطاب لأهل المدينة ومن في معناهم، بحيث إذا شرق أو غرب لا يستقبل الكعبة ولا يستدبرها.
• ما حكم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: يحرم في الصحراء وفي البنيان الاستقبال والاستدبار.
وهذا قول أبي أيوب الأنصاري ومجاهد والنخعي والثوري وابن حزم ورجحه ابن تيمية وابن القيم والشوكاني.
أ-لحديث الباب (لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا).
ب-ولحديث سلمان السابق (لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ).
ج- ولحديث أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها) رواه أبو داود.
فهذه الأحاديث صريحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها، والأصل في النهي التحريم، وهو عام في الفضاء والبنيان.
القول الثاني: جواز الاستقبال والاستدبار مطلقاً في البنيان دون الفضاء.
وهذا مذهب الجمهور، كما نسب ذلك ابن حجر إليهم، وقال: هو مذهب مالك والشافعي وإسحاق.
ورجحه النووي وابن حجر.
أ-لحديث ابن عمر قال: (ارتقيت على بيت حفصة فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة).
ب-ولحديث جابر قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها). رواه الترمذي
ج-ما رواه مروان الأصفر قال (رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس) رواه أبو داود.
وجه الدلالة: أنه تفسير من الصحابي (ابن عمر) لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العام، وفيه جمع بين الأحاديث فيتعين المصير إليه.
القول الثالث: الجواز.
قال النووي: وهذا مذهب عروة بن الزبير، وربيعة شيخ مالك، وداود الظاهري.
واستدلوا بنفس أدلة القول الثاني:
حديث ابن عمر السابق قال (ارتقيت على بيت حفصة فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة).
حديث جابر السابق قال (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها) رواه الترمذي
وجه الدلالة من الحديثين: أنهما ناسخان لأحاديث النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة.
والراجح القول الأول، وهو التحريم مطلقاً.
قال ابن القيم: وكان -صلى الله عليه وسلم- لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببول ولا بغائط، فإنه نهى عن ذلك في حديث أبي أيوب وسلمان وأبي هريرة، وعامة هذه الأحاديث صحيحة وسائرها حسن، والمعارض لها إما معلول السند، وإما ضعيف الدلالة.