للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد أن من حسن وكمال إيمان الإنسان تركه ما لا يهمه ولا يعنيه في دنياه وآخرته من أقوال أو أعمال.

والذي لا يعني العبد: هو ما لا يحتاج إليه في القيام بما أمِرَ به من عبادة الله.

والذي لا يعني العبد أفراده كثيرة لكن يمكن ردها إلى أربعة أصول:

أولها: المحرمات، وثانيها: المكروهات، وثالثها: المشتبهات لمن لم يتبينها، ورابعها: فضول المباحات وهي ما زاد عن حاجة العبد منها.

قال ابن رجب: وإذا حسُن الإسلام اقتضى ترك ما لا يعني كله من المحرمات والمشتبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها، فإن هذا كله لا يعني المسلم، إذا كمُل إسلامه وبلغ إلى درجة الإحسان، وهو أن يعبد الله تعالى كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، فمن عبد الله عن استحضار قربه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه، فقد حسن إسلامه ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، ويشتغل بما يعنيه فيه، فإنه يتولد من هذين المقامين الاستحياء من الله، وترك كل ما يستحيى منه.

وقال ابن القيم: قد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- الورع كله في كلمة واحدة فقال (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) فهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه الكلمة كافية شافية في الورع.

قال ابن تيمية رحمه الله: ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه.

وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: إن من لم يترك ما لا يعنيه، فإنه مسيء في إسلامه.

[اذكر بعض أقوال السلف؟]

قال الغزالي: علاج ترك ما لا يعني أن يعلم أن الموت بين يديه، وأنه مسؤول عن كل كلمة تكلم بها، وأن أنفاسه رأس ماله، وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص - أي يصطاد- بها الحور العين، فإهماله وتضييعه فيما لا يعنيه خسران مبين.

وقال الحسن: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.

وقال معروف الكرخي: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى.

وقال مالك بن دينار: إذا رأيت قساوة في قلبك، وضعفاً في بدنك، وحرماناً في رزقك، فاعلم أنك قد تكلمت فيما لا يعنيك.

وقيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني.

وقال يونس بن عبيد: ترك كلمة فيما لا يعني أفضل من صوم يوم.

وقال الشافعي: ثلاثة تزيد في العقل: مجالسة العلماء، ومجالسة الصالحين، وترك الكلام فيما لا يعني.

وقال أيضاً: من أراد أن ينور الله قلبه فليترك الكلام فيما لا يعنيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>