للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٤١ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرُوا اَللَّهَ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ) أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ.

===

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد الحذر أن يجلس الإنسان مجلساً لم يذكر الله فيه أو لم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فقد جاء في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ، إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَة) رواه أبو داود.

وعنه. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ).

رواه أبو داود وبوب عليه بقوله: باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله.

وروى نحوه ابن حبان في " صحيحه " (٣/ ١٣٣) وبوب عليه بقوله: ذكر استحباب الذكر لله جل وعلا في الأحوال، حَذَرَ أن يكون المواضع عليه ترة في القيامة.

وذكره المنذري في " الترغيب والترهيب " (٢/ ٢٦٢) تحت باب: " الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلساً لا يذكر الله فيه، ولا يصلى على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ". انتهى.

ولفظ الترمذي للحديث: (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ). ومعنى قوله: (ترة): يعني حسرة وندامة.

وجاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيهم (ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله، وصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا قاموا عن أنتن من جيفة) أخرجه الطيالسي وغيره، وصححه الإمام الألباني.

وفي رواية (إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار) أخرجه الإمام أحمد، وصححه الألباني.

فائدة:

استدل العلماء بهذه الأحاديث على كراهة أن تخلو المجالس من ذكر الله، وليس على تحريم ذلك، فالحسرة لا يلزم أن تكون بسبب ترك الواجبات، بل يمكن أن تقع بسبب ترك المستحبات التي ترفع إلى أعلى الدرجات.

وقد جاء عن بعض السلف أنه قال: يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره، فكل ساعة لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها حسرات. كما نقل ذلك الحافظ ابن رجب في (جامع العلوم والحكم).

وقوله في الحديث السابق (إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم) يدل بظاهره على وجوب الذكر في كل مجلس، لأن العذاب والمغفرة لا يكون إلا عن ذنب، إما بترك واجب، وإما بفعل محرم.

قال ابن علان رحمه الله (فإن شاء عذبهم) جزاء ما قصروا في ذلك بتركها (وإن شاء غفر لهم) ذلك النقص. وهذا يقتضي وجوب وجود الذكر والصلاة على النبي في المجلس، لأنه رتب العذاب على ترك ذلك وهو آية الوجوب، ولم أر من ذكر عنه القول بوجوب ذلك في كل مجلس، والحديث يقتضيه " انتهى. دليل الفالحين شرح رياض الصالحين (٦/ ١٢٧).

والذي حمل أهل العلم الحديث عليه هو كراهة إخلاء المجلس من ذكر الله تعالى.

قال الإمام النووي رحمه الله: يكره لمن قعد في مكان أن يفارقه قبل أن يذكر الله تعالى فيه، لحديث أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … وذكر الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>