للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحديث الباب (اَلظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ اَلدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا … ).

وجه الدلالة: أن الحديث جعل المنفعة بدلاً وعوضاً عن النفقة، ومعلوم أن الراهن يستحق المنافع بملك الرقبة، لا بالنفقة، مما يدل على أن المراد المرتهن.

القول الثاني: لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالمركوب، أو المحلوب إذا لم يأذن له الراهن.

إلى هذا ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية.

أ- لحديث الآتي (لا يغلق الرهن من صاحبة، له غنمه وعليه غرمه).

وجه الدلالة: أن الحديث جعل الغنم للراهن، ولا شك أن منافع الرهن من غنمه، والحديث لم يفرق بين مركوب أو محلوب.

ب-إن الرهن لم يخرج المرهون من ملك الراهن، والراهن لم يأذن للمرتهن بالانتفاع، فالمرتهن كالأجنبي، والرهن كالوديعة.

• ماذا أجاب جمهور العلماء عن حديث الباب؟

أجابوا بعدة أجوبة:

أولاً: أن هذا الحديث ورد على خلاف القياس من وجهين:

أحدهما: التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه.

الثاني: تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة.

قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء يرده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها، ويدل على نسخه حديث ابن عمر: لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه.

ثانياً: أن المراد بالحديث: أن الرهن مركوب ومحلوب للمرتهن بإذن الراهن.

ثالثاً: إن الحديث مجمل، لم يبيّن من الذي يركب ويشرب، هل هو الراهن أم المرتهن؟

• بماذا أجاب أصحاب القول الأول عن هذه الاعتراضات؟

أما قولهم: إنه على خلاف القياس.

فالجواب: بأن السنة الصحيحة من جملة الأدلة والأصول، فلا يجوز ردها بدعوى المخالفة للأصول، وهي لا ترد إلا بمعارض أرجح.

وأما قولهم: إن المراد بإذن المالك.

فالجواب: أن الحديث مطلق، إذ ليس فيه تعليق بالإذن.

وأما قولهم: إن الحديث مجمل لم يبين هل هو الراهن أم المرتهن.

فالجواب: إن الذي يركب ويشرب هو المرتهن لأمرين:

الأول: أن الحديث يجعل الركب واللبن بدل النفقة، فإذا أنفق المرتهن ركب وشرب.

الثاني: أنه قد ورد في رواية هشيم عن زكريا بلفظ (إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها … ).

والقول الأول هو الراجح.

وقد ذهب بعض العلماء إلى حمل الحديث على أنه يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن مركوباً ولبناً واستخدامه عند تعذر الإنفاق عليه من الراهن لامتناعه.

قال ابن حجر في الفتح: وقد ذهب الأوزاعي، والليث، وأبو ثور إلى حمله على ما إذا أمتنع الراهن من الإنفاق على المرهون فيباح حينئذ للمرتهن الإنفاق على الحيوان حفظاً لحياته، ولإبقاء المالية فيه، وجعل له في مقابلة نفقته الانتفاع بالركوب أو بشرب اللبن بشرط أن لا يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه وهي من جملة مسائل الظفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>