قال ابن قدامة: جملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي، ولا صداق، ولا رضى المرأة، ولا علمها بإجماع أهل العلم، لما ذكرنا من أن الرجعية في أحكام الزوجات، والرجعة إمساك لها، واستبقاء لنكاحها، ولهذا سمى الله - سبحانه وتعالى - الرجعة إمساكاً، وتركها فراقا وسراحا، فقال (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف). وفي آية أخرى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد بها سبب زواله، فالرجعة تزيل شعثه، وتقطع مضيه، إلى البينونة، فلم يحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح.
وقال ابن حجر: وقد أجمعوا على أن الحر إذا طلق الحرة بعد الدخول بها تطليقة أو تطليقتين فهو أحق برجعتها، ولو كرهت المرأة ذلك.
• ما الحكم إذا راجع الرجل زوجته بالعدة وهي لا تعلم، وبعد انقضاء عدتها تزوجت؟
لو أن المرأة تزوجت بعد انقضاء عدتها، ثم ادعى زوجها الأول أنه راجعها دون علمها، وأقام البينة على ذلك: رُدت إليه.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة ذلك، أن زوج الرجعية إذا راجعها، وهي لا تعلم، صحت المراجعة; لأنها لا تفتقر إلى رضاها، فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها، فإذا راجعها ولم تعلم، فانقضت عدتها، وتزوجت، ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها، وأقام البينة على ذلك، ثبت أنها زوجته، وأن نكاح الثاني فاسد; لأنه تزوج امرأة غيره، وتُرد إلى الأول، سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل بها، هذا هو الصحيح، وهو مذهب أكثر الفقهاء; منهم الثوري، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن علي -رضي الله عنه-.
وعن أبي عبد الله - رحمه الله - رواية ثانية، إن دخل بها الثاني فهي امرأته، ويبطل نكاح الأول، روي ذلك عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهو قول مالك، وروي معناه عن سعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن القاسم، ونافع. (المغني).
• ما الحكم إذا فرغت من عدتها ولم يرتجعها؟
إذا فرغت من عدتها ولم يرتجعها بانت منه.
وقد أجمع العلماء على أن المرأة إذا طلقها زوجها فلم يرتجعها حتى انقضت عدتها أنها تبين منه فلا تحل له إلا بنكاح جديد.
قال تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) أي في العدة، فمفهوم الآية أنها إذا فرغت عدتها لم تبح إلا بعقد جديد بشرطه.