للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٦ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقْصُرُ فِي اَلسَّفَرِ وَيُتِمُّ، وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ) رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُول.

وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ فِعْلِهَا، وَقَالَتْ (إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ) أَخْرَجَهُ اَلْبَيْهَقِيّ.

===

• ما صحة حديث الباب؟

هذا الحديث معلول كما قال الحافظ ابن حجر، مع أن رجاله ثقات، فقد رواه الدار قطني من طريق سعيد بن محمد بن ثواب حدثنا أبو عاصم حدثنا عمرو بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة به.

قال الحافظ في التلخيص: قد استنكره أحمد، وصحته بعيدة.

قال ابن تيمية: والحديث الذي رواه الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في السفر وتتم، ويفطر وتصوم. باطل في الإتمام، وإن كان صحيحاً في الإفطار بخلاف النقل المتواتر المستفيض.

وقال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هو كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وجه النكارة: أن عائشة كانت تتم، فلو كان عندها هذا الحديث، لم يقل عروة عنها: إنها تأولت.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في عمرة رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت: بأبي وأمي أفطرت وصمت، وقصرت، وأتممت، فقال: أحسنت يا عائشة.

قال ابن تيمية رحمه الله: فهذا لو صح لم يكن فيه على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتم، وإنما فيه إذن في الإتمام، مع أن هذا الحديث على هذا الوجه ليس بصحيح بل هو خطأ لوجوه:

أحدها: أن الذي في الصحيحين عن عائشة: أن الصلاة ركعتان، وقد ذكر ابن أخيها وهو أعلم الناس بها: أنها أتمّت الصلاة في السفر بتأويل تأولته، لا بنص كان معها، فعلم أنه لم يكن معها فيه نص.

الثاني: أن في الحديث أنها خرجت معتمرة معه في رمضان، وكانت صائمة، وهو كذب باتفاق أهل العلم. فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر في رمضان قط، وإنما كانت كلها في شوال، وإذا كان لم يعتمر في رمضان، ولم يكن في عمره عليه صوم، بطل هذا الحديث.

الثالث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما سافر في رمضان غزوة بدر فلم يكن معه فيها أزواجه، ولا كانت عائشة، وأما غزوة الفتح فقد صام فيها أول سفره ثم أفطر، خلاف ما في هذا الحديث المفتعل.

الرابع: أن عائشة لم تكن بالتي تصوم، وتصلي طول سفرها إلى مكة، وتخالف فعله بغير إذنه، بل كانت تستفتيه قبل الفعل، فإن الإقدام على مثل هذا لا يجوز.

• هل أتم النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفره؟

النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتم في سفره قط.

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأما في السفر فقد سافر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قريباً من ثلاثين سفرة، وكان يصلي ركعتين في أسفاره، ولم ينقل عنه أحد من أهل العلم أنه صلى في السفر أربعاً قط، حتى في حجة الوداع، وهي آخر أسفاره كان يصلي بالمسلمين بمنى ركعتين ركعتين، وهذا من العلم العام المستفيض المتواتر الذي اتفق على نقله جميع أصحابه، ومن أخذ العلم عنهم.

وقال ابن القيم رحمه الله: وكان يَقصُر الرُّبَاعية، فيصليها ركعتين مِنْ حين يخرُج مسافراً إلى أن يرجع إلى المدينة، ولم يثبُت عنه أنه أتمَّ الرُّباعية في سفره البتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>