للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما المقصود من الوقف؟

المقصود منه أمران:

الأمر الأول: الأجر الحاصل للواقف.

الأمر الثاني: نفع الموقوف عليه في عين الوقف أو غلته.

مثال: قلت هذا البيت وقف على زيد من الناس - لو أراد أن يسكنه فهنا انتفع بعين الوقف، ولو أجر الناظر البيت وأعطاه الغلة فهنا انتفع بغلته.

• ماذا يشترط في الوقف؟

أولاً: يشترط في الوقف أن يكون على جهة بر وطاعة، كالمساجد، والفقراء، واليتامى ونحوها.

لأن المقصود به التقرب إلى الله، كبناء مسجد أو مدرسة علمية، أو داراً ريعها للفقراء.

لو قال: هذا وقف على الأغنياء، فإنه لا يصح، لأنهم ليسوا محلاً للقربة.

• أما إذا كان على معين فإنه لا يشترط أن يكون على بر [لكن يشترط ألا يكون إثم].

مثال: وقفت هذا البيت على فلان الغني، فإنه يصح، لأنه ليس على جهة.

ثانياً: ومما يشترط في الوقف: أن يكون مما ينتفع به انتفاعاً مستمراً مع بقاء عينه.

قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: الصدقة الجارية هي الوقف.

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: الصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قاله الرافعي، فإن غيره من الصدقات ليست جارية.

قال ابن حزم في المحلى (٨/ ١٥١): الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ، الْبَاقِي أَجْرُهَا بَعْدَ الْمَوْت.

وقال ابن الأثير في "النهاية" (١/ ٧٣٩): (صَدَقة جارِية) أي دَارّة مُتَّصِلة كالوُقُوف المُرْصَدة لأبواب البِرّ.

وقال السرخسي في "المبسوط" (١٢/ ٣٢): مَقْصُودُ الْوَاقِفِ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ جَارِيَةً لَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وقال العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (١/ ١٣٥): وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْوَقْفِ وَعَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَنَافِعِ دَارِهِ وَثِمَارِ بُسْتَانِهِ عَلَى الدَّوَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ، لِتَسَبُّبِهِ إلَيْهِ، فَكَانَ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ.

وقال في أسنى المطالب (٢/ ٤٤٥٧): وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيّ.

وقال الشيخ ابن عثيمين: الصدقة الجارية: كل عمل صالح يستمر للإنسان بعد موته، والذي يتصدق به الإنسان من ماله، هو ماله الحقيقي الباقي له، الذي ينتفع به.

- والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد موت الإنسان، وأما الصدقة التي لا يستمر ثوابها ـ كالصدقة على الفقير بالطعام ـ فليست صدقة جارية.

وبناء عليه: فتفطير الصائمين وكفالة الأيتام ورعاية المسنين - وإن كانت من الصدقات - لكنها ليست صدقات جارية، ويمكنك أن تساهم في بناء دار لليتامى أو المسنين، فتكون بذلك صدقة جارية، لك ثوابها ما دامت تلك الدار ينتفع بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>