٨١٦ - وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
===
(إِلَّا خَاطِئٌ) الخاطئ المذنب.
• عرف الاحتكار؟
الاحتكار: هو حبس مال أو منفعة أو عمل، والامتناع عن بيعه وبذله حتى يغلو سعره غلاءً فاحشاً غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده في مظانه، مع شدة حاجة الناس أو الدولة أو الحيوان إليه.
• ما حكم الاحتكار؟
حرام.
وهذا قول جماهير العلماء.
أ- لحديث الباب.
قال الشوكاني في (نيل الأوطار) والتصريح بأن المحتكر خاطئ كاف في إفادة عدم الجواز لأن الخاطئ المذنب العاصي.
وقال الصنعاني رحمة الله: الخاطئ هو العاصي الآثم، وفى الباب أحاديث دالة على تحريم الاحتكار.
ب- وعن أبي أمامة. قال (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُحتكر الطعام) رواه الحاكم والبيهقي.
ج - جاء في ذلك عدة أحاديث في أسانيدها ضعف:
عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة).
وعن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ).
وعن ابن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعاً فقد برئت منهم ذمة الله).
وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس) رواه ابن ماجة.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الجالب مرزوق والمحتكر ملعون).
وجه الدلالة من هذه الأحاديث:
قال الإمام الشوكاني رحمة الله: ولا شك أن أحاديث الباب تنتهض بمجموعها للاستدلال على عدم جواز الاحتكار، ولو فرض عدم ثبوت شيء منها في الصحيح فكيف وحديث معمر مذكور في صحيح مسلم.
• هل الاحتكار عام في كل شيء أو أنه خاص بالطعام؟
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: أن الاحتكار خاص في الأقوات خاصة.
وهذا قول الحنفية والشافعية والحنابلة (الحنابلة عندهم أنه خاص بقوت الآدمي فقط).
أ- عن عمر قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس). رواه ابن ماجه وهو ضعيف
ب-وعن ابن عمر قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله، وبرئ منه الله). رواه الحاكم وهو ضعيف
ج- حديث أبي أمامة السابق (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُحتكر الطعام).
قالوا: فلما خص الطعام بالنهي عن احتكاره، دل على أن غيره جائز.
د- أن الضرر الأعم إنما يلحق العامة بحبس القوت والعلف.
القول الثاني: أن الاحتكار عام في كل شيء، سواء كان قوتاً أو غيره.
وهو قول مالك والثوري.
لحديث الباب، فهو عام.
وهذا الصحيح.
• ما الحكمة من تحريم الاحتكار؟
أولاً: أنه ينافي قوله -صلى الله عليه وسلم- (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ثانياً: فيه ضراراً بالناس واستغلال حاجاتهم.
ثالثاً: بث روح الحقد والبغضاء بين المسلمين.