• ما الحكم إذا تلفت الوديعة عند المودَع؟
إن تلفت بغير تعد ولا تفريط فلا يضمن، لأنها أمانة عند المودَع.
قال ابن قدامة: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ، فَإِذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْ الْمُودَعِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، سَوَاءٌ ذَهَبَ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمُودِعِ أَوْ لَمْ يَذْهَبْ.
هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. (المغني).
أ-لقوله تعالى (ما على المحسنين من سبيل)، والمودع محسن، فإذا كان محسناً فلا ضمان عليه.
قال السعدي: ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي: أن من أحسن على غيره، في [نفسه] أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتب على إحسانه نقص أو تلف، أنه غير ضامن لأنه محسن، ولا سبيل على المحسنين، كما أنه يدل على أن غير المحسن -وهو المسيء- كالمفرط، أن عليه الضمان.
ب- ولقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانة … ) والوديعة أمانة، والضمان ينافي الأمانة.
ج- ولأن المودع يحفظها لمالكها، فتكون يده كيده.
• متى يضمن المودَع؟
إذا تعدى أو فرط فإنه يضمن.
(التعدي: فعل ما لا يجوز). (والتفريط: ترك ما يجب).
قال ابن قدامة: فَأَمَّا إنْ تَعَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا، أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، فَتَلِفَتْ، ضَمِنَ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِمَالِ غَيْرِهِ، فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيدَاعٍ. (المغني).
مثال التعدي: أودعت عند شخص إبريق، وكان عنده أباريق، فصار يستعمل إبريقي. (هذا تعدي).
أو أن يستعملها بغير إذن صاحبها، كأن يستعمل السيارة أو الدابة أو يقرأ الكتاب، فإنه يضمن، لأن فعله هذا تعدٍّ يستوجب الضمان.
مثال التفريط: جعل الإبريق الذي أودعته عنده عند باب الشارع. (هذا تفريط).
أن يحفظها بدون حرزها، كأن يحفظ الدراهم في السيارة بدلاً من الصندوق، فإنه يضمن، لأنه فرط حيث لم يحفظها في حرز مثلها.
• هل له أن يسافر بالوديعة؟
له أن يسافر بها إلا في حالتين:
الأولى: إذا نهاه ربها قال لا تسافر بها.
الثانية: إن كان عدم السفر بها أحفظ لها.
• ما الحكم إذا قال ربها: خذ الوديعة فاحفظها في مكان كذا وكذا، فخالف؟
إذا خالف المودَع فلا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يخالف إلى أعلى.
مثال: قال احفظها في صندوق الخشب، فحفظها في صندوق الحديد.
فلا ضمان عليه.