ب- ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعروة بن مضرس -رضي الله عنه- وقد اجتمع به في صلاة الفجر يوم مزدلفة فقال (يا رسول الله، إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي، وما تركت جبلاً إلا وقفت عنده، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه، وقضى تفثه).
ج-لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، والترخيص يدل على أن الأصل العزيمة والوجوب.
د- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بات في مزدلفة وقال (لتأخذوا عني مناسككم).
القول الثاني: أنه ركن لا يصح الحج بدونه.
وهو قول بعض العلماء، وهو قول داود الظاهري.
أ- لقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ).
قالوا: فهذا الأمر يدل على أنه لا بد من ذكر الله عند المشعر الحرام.
ب-ما ورد في بعض روايات حديث عروة بن مضرس الطائي -رضي الله عنه- كما عند النسائي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من أدرك الإمام والناس، وأفاض معنا فقد أدرك، ومن فاته الناس والإمام فلم يدرك) يعني من أدرك الوقوف مع الإمام والناس وأفاض معهم فقد أدرك الحج، ومن فاته الوقوف مع الناس والإفاضة معهم فقد فاته الحج.
القول الثالث: أنه سنة.
وهو قول لبعض العلماء.
والراجح القول الأول وبتركه دم.
ويدل على عدم ركنيته:
حديث عبد الرحمن بن يعمر وفيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من أدرك عرفة ولو في آخر جزء من ليلة النحر قبل الصبح أنه تم حجه وقضى تفثه) رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني.
ومعلوم أنه بهذا يكون قد فاته المبيت بمزدلفة قطعاً بلا شك ومع ذلك صرح النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا بأن حجه تام.
• ما الجواب عن رواية النسائي (من أدرك الإمام والناس، وأفاض معنا فقد أدرك، ومن فاته الناس والإمام فلم يدرك)؟
هذه الرواية غير محفوظة، كما عليه أكثر أهل العلم، فلا تصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى والشنقيطي كما في أضواء البيان
إنما حديث عروة بن مضرس روايته المحفوظة هي الرواية التي ستأتي قريباً إن شاء الله، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من صلى صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وكان قد وقف بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه).