لعموم الأدلة في وجوب القصاص من القاتل، وعدم ورود ما يقوَى على تخصيصها.
وقالوا: وأما التعليل بأن الوالد سبب إيجاد الولد فلا يكون سبباً في إعدامه، فهو مردود، فإن الولد لم يكن سبباً في إعدامه، بل هو سبب إعدام نفسه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والدليل الحديث المشهور: «لا يقتل والد بولده»، هذا من الأثر، ومن النظر: أن الوالد سبب في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سببا في إعدامه.
ولننظر في هذه الأدلة، أما الحديث فقد ضعفه كثير من أهل العلم، فلا يقاوم العمومات الدالة على وجوب القصاص، وأما تعليلهم النظري، فالجواب عنه أن الابن ليس هو السبب في إعدام أبيه، بل الوالد هو السبب في إعدام نفسه بفعله جناية القتل.
والصواب: أنه يقتل بالولد، والإمام مالك ـ رحمه الله ـ اختار ذلك، إلا أنه قيده بما إذا كان عمدا، لا شبهة فيه إطلاقا، بأن جاء بالولد وأضجعه وأخذ سكينا وذبحه، فهذا أمر لا يتطرق إليه الاحتمال، بخلاف ما إذا كان الأمر يتطرق إليه الاحتمال فإنه لا يقتص منه، قال: لأن قتل الوالد ولده أمر بعيد، فلا يمكن أن نقتص منه إلا إذا علمنا علم اليقين أنه أراد قتله.
والراجح في هذه المسألة: أن الوالد يقتل بالولد، والأدلة التي استدلوا بها ضعيفة لا تقاوم النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على العموم، ثم إنه لو تهاون الناس بهذا لكان كل واحد يحمل على ولده، لا سيما إذا كان والدا بعيدا، كالجد من الأم، أو ما أشبه ذلك ويقتله ما دام أنه لن يقتص منه. (الشرح الممتع).
وقول الجمهور أرجح.
- ويقتل الولد بوالده، قال في المغني: هذا قول عامة أهل العلم لعموم الأدلة الدالة على وجوب القصاص.
• هل الأم كالأب في هذا؟
نعم، فلا تقتل بابنها.
قال ابن قدامة: والأم في ذلك كالأب، هذا الصحيح من المذهب وعليه العمل عند مسقطي القصاص عن الأب.
ثم قال - رحمه الله - مدللاً لهذا القول:
لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا يقتل والد بولده).
ولأنها أحد الوالدين، فأشبهت الأب.
ولأنها أولى بالبر، فكانت أولى بنفي القصاص عنها.
والولاية غير معتبرة بدليل انتفاء القصاص عن الأب بقتل الكبير الذي لا ولاية عليه، وعن الجد، ولا ولاية له، وعن الأب المخالف في الدين، أو الرقيق. (المغني).