بَابُ اَلشَّهَادَاتِ
[تعريفها]
الشهادة لغة: تطلق الشهادة في اللغة على معان منها:
الحضور، ومنه قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
والمعاينة، ومنه قوله تعالى: (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ).
والقسم، ومنه قوله تعالى: (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ).
والخبر القاطع، ومنه قوله: (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا).
واصطلاحاً: إخبار بحق يعلمه للغير على الغير.
قولنا (يعلمه) فلا بد من علمه بالشيء، فلا يمكن أن يشهد بالظن.
والأصل فيها:
قوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِنْ لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء).
وقوله تعالى (وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ).
وقوله تعالى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ).
وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بالإشهاد، والأمر دليل المشروعية.
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ:
عن الأشْعَث بْنَ قَيْس قال (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ شَاهِدَاكَ، أَوْ يَمِينُهُ). رواه مسلم
وجه الدلالة: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- طلب الشهادة صراحة فقال: شَاهِدَاكَ، أَوْ يَمِينُهُ.
وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَال (الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَالْبَيِّنَةُ هِيَ الشَّهَادَةُ.
وقَدِ انْعَقَدَ الإْجْمَاعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا لإِثْبَاتِ الدَّعَاوَى.
أَمَّا الْمَعْقُول: فَلأِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهَا لِحُصُول التَّجَاحُدِ بَيْنَ النَّاسِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا.