١١٨٤ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ قَالَ (مَنْ تَطَبَّبَ - وَلَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا - فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا; إِلَّا أَنَّ مَنْ أَرْسَلَهُ أَقْوَى مِمَّنْ وَصَلَهُ.
===
(مَنْ تَطَبَّبَ) أي: تكلف وتعاطى الطب.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: وقوله -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ تَطَبَّبَ) ولم يقل: "من طبَّ"؛ لأن لفظ التفعُّل يدل على تكلف الشيء، والدخول فيه بعسر، وكلفة، وأنه ليس من أهله.
(فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا) فأصاب نفس المريض أو أتلف شيئاً منه.
(فَهُوَ ضَامِنٌ) لما أتلفه.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: أن من ادعى الطب وليس بعالم فغرّ الناس وعالجهم فأتلف بعلاجه إنساناً فمات من علاجه أو أتلف بعض أعضائه فإنه ضامن لما أتلف، وتجب عليه الدية.
قال الخطابي: لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً، وجناية الطبيب عند عامة العلماء على العاقلة.
قال السعدي: هذا الحديث يدل بلفظه وفحواه على: أنه لا يحل لأحد أن يتعاطى صناعة من الصناعات وهو لا يحسنها، سواء كان طبا أو غيره، وأن من تجرأ على ذلك، فهو آثم.
وما ترتب على عمله من تلف نفس أو عضو أو نحوهما، فهو ضامن له.
وما أخذه من المال في مقابلة تلك الصناعة التي لا يحسنها، فهو مردود على باذله; لأنه لم يبذله إلا بتغريره وإيهامه أنه يحسن، وهو لا يحسن، فيدخل في الغش، و «من غشنا فليس منا».
ومثل هذا البناء والنجار والحداد والخراز والنساج ونحوهم ممن نصب نفسه لذلك، موهما أنه يحسن الصنعة، وهو كاذب.
ومفهوم الحديث: أن الطبيب الحاذق ونحوه إذا باشر ولم تجن يده، وترتب على ذلك تلف، فليس بضامن؛ لأنه مأذون فيه من المكلف أو وليه. فكل ما ترتب على المأذون فيه، فهو غير مضمون، وما ترتب على غير ذلك المأذون فيه، فإنه مضمون.
ويستدل بهذا على: أن صناعة الطب من العلوم النافعة المطلوبة شرعا وعقلا .. والله أعلم. (بهجة قلوب الأبرار).