للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[في حق من تشرع العقيقة؟]

الأصل أن العقيقة مشروعة في مال والد المولود، وليس في مال أمه، ولا في مال المولود نفسه، إذ الأب هو المخاطب الأول في الأحاديث الواردة في مشروعية العقيقة

ولكن الفقهاء قالوا: يجوز لغير الأب أن يعق عن المولود في الحالات الآتية:

أولاً: إذا قصر الأب وامتنع عن ذبح العقيقة.

ثانياً: أو إذا استأذن من الأب أن ينوب عنه في ذبح العقيقة فأذن له.

واستدلوا بحديث الباب (عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ).

قالوا: فتولي النبي -صلى الله عليه وسلم- العقيقة عن حفيده الحسن والحسين رضي الله عنهما دليل على جواز تولي العقيقة قريب غير الأب إذا كان بإذنه ورضاه

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله - في شرح حديث (كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ، وَيُسَمَّى).

قوله: (يذبح) بالضم على البناء للمجهول، فيه أنه لا يتعين الذابح، وعند الشافعية يتعين من تلزمه نفقة المولود، وعن الحنابلة يتعين الأب إلا أن تعذر بموت أو امتناع.

قال الرافعي: وكأن الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- عق عن الحسن والحسين مؤول.

قال النووي: يحتمل أن يكون أبواه حينئذ كانا معسرين أو تبرع بإذن الأب، أو قوله: " عق " أي: أمر، أو هو من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، كما ضحى عمن لم يضح من أمته، وقد عده بعضهم من خصائصه. (الفتح).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: العقيقة سنة مؤكدة للذكر اثنتان وللأنثى واحدة، وإذا اقتصر على واحدة للذكر فلا حرج، وهي سنة في حق الأب، فإذا جاء وقت العقيقة وهو فقير فليس عليه شيء؛ لقول الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، وإذا كان غنياً فهي باقية على الأب وليس على الأم ولا على الأولاد شيء منها.

قال ابن قدامة: وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِقِيمَتِهَا.

نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَعُقُّ، فَاسْتَقْرَضَ، رَجَوْت أَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إحْيَاءَ سُنَّةٍ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: صَدَقَ أَحْمَدُ، إحْيَاءُ السُّنَنِ وَاتِّبَاعُهَا أَفْضَلُ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا مِنْ التَّأْكِيدِ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا مَا لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِهَا.

وَلِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِهَا، فَكَانَتْ أَوْلَى، كَالْوَلِيمَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ.

هل تأخذ العقيقة حكم الأضحية، فيصح الاشتراك في بقرة أو بعير؟

والأقرب: أنه لا يصح فيها الاشتراك.

وهو مذهب المالكية والحنابلة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: العقيقة لا يجزئ فيها الاشتراك، فلا يجزئ البعير عن اثنين، ولا البقرة عن اثنين، ولا تجزئ عن ثلاثة ولا عن أربعة من باب أولى. ووجه ذلك:

أولاً: أنه لم يرد التشريك فيها، والعبادات مبنية على التوقيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>