١٥١٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (أَبْغَضُ اَلرِّجَالِ إِلَى اَللَّهِ اَلْأَلَدُّ اَلْخَصِمُ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
===
ما معنى (اَلْأَلَدُّ اَلْخَصِمُ)؟
قال النووي: (الْأَلَدّ) شَدِيد الْخُصُومَة مَأْخُوذ مِنْ لَدِيدَيْ الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ أَخَذَ فِي جَانِب آخَر. وَأَمَّا (الْخَصِم) فَهُوَ الْحَاذِق بِالْخُصُومَةِ. وَالْمَذْمُوم هُوَ الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ فِي رَفْع حَقٍّ، أَوْ إِثْبَات بَاطِل. وَاَللَّه أَعْلَم.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد ذم شدة الخصومة، والمراد به - كما قال النووي - الخصومة في دفع الحق أو إثبات باطل.
[ما سبب ذم شدة المخاصمة؟]
قال الحافظ: … وإن كان مسلماً فسبب البغض أن كثرة المخاصمة تفضي غالباً إلى ما يذم صاحبه، أو يخص في حق المسلمين بمن خاصم في باطل.
ويشهد للأول حديث (كفى بك اثماً ان لا تزال مخاصماً) أخرجه الطبراني عن أبي امامة بسند ضعيف.
[هل ورد الترغيب في ترك المخاصمة؟]
نعم.
فعند أبي داود من طريق سليمان بن حبيب عن أبي أمامة رفعه (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) وله شاهد عند الطبراني من حديث معاذ بن جبل.
والربض بفتح الراء والموحدة بعدها ضاد معجمة الأسفل. (الفتح).
[لماذا خص الرجال؟]
قال المناوي: وإنما خص الرجال، لأن اللدد فيهم أغلب، ولأن غيرهم لهم تبع في جميع المواطن.
[اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟]
الترهيب من الشدة في الخصومة.
أن انتشار الجدل علامة على الضلال.
الجدل والخصومة بالباطل من آفات اللسان التي تسبب الفرقة والتقاطع والتدابر بين المسلمين، والبغض من الله تعالى.
أن الذي يقصد بخصومته مدافعة الحق ورده بالأوجه الفاسدة، والشبه الموهمة، هو الشخص الذي يبغضه الله تعالى.
الألد هو المعوج عن الحق المولع بالخصومة والماهر بها ويدخل في ذلك كثير الجدل بالباطل.
الواجب على المسلم أن يتعلم فضيلة وخلق العفو والتسامح وأن لا يجعل الخصومة سبيلا إلى معاداة الناس ومحاولة الأذى لهم؛ فإن ذلك ليس من أخلاق الكرام.