• هل يصح الخلع بدون عوض؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا بد عوض.
وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، والحنابلة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض؟ على قولين: هما روايتان عن أحمد " أحدهما " كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه - أي: لا يصح - " والثانية " يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: أما الخلع، فكما قالوا: لا بد أن يكون بعوض؛ لأنه ركنه الذي ينبني عليه، وإذا خلا منه، فليس بخلع، بل يكون طلاقاً رجعيًّا إذا نوى به الطلاق.
لقوله (أتردين عليه حديقته) ولقوله تعالى (فيما افتدت به).
ثم إن أخْذ الزوج للفداء فيه إنصاف وعدل، لأنه هو الذي دفع المهر وقام بتكاليف الزواج، ثم قابلت هذا الزوجة بالجحود والنكران. فمن العدل أن يُعطَى ما أعطى.
القول الثاني: يصح بدون عوض ورضي بعدم بذل العوض صح.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ويصح الخلع بغير عوض، وتقع به البينونة إما طلاقًا، وإما فسخًا على إحدى القولين، وهذا مذهب مالك المشهور عنه في رواية ابن القاسم، وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، اختارها الخرقي.
وهذا القول له مأخذان:
أحدهما: أن الرجعة حق للزوجين، فإذا تراضيا على إسقاطها سقطت.
والثاني: أن ذلك فرقة بعوض؛ لأنها رضيت بترك النفقة والسكن ورضي هو بترك استرجاعها. وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتًا لها من الحقوق كالدين، فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لها بالطلاق، كما لو خالفها على نفقة الولد. وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره. (انتهى).
قالوا: إن الخلع قطع للنكاح فصح من غير عوض كالطلاق.
ولأن المقصود من الخلع تخليص الزوجة نفسها وقد حصل هذا بدون عوض، فيصح.
ولأن العوض حق للزوج، فإذا أسقطه باختياره سقط.
واختاره ابن تيمية.