للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨٢٠ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ حَبَسَ اَلْعِنَبَ أَيَّامَ اَلْقِطَافِ، حَتَّى يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْراً، فَقَدَ تَقَحَّمَ اَلنَّارَ عَلَى بَصِيرَةٍ) رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيُّ فِي " اَلْأَوْسَطِ " بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

===

• ما صحة حديث الباب؟

لا يصح.

قال ابن حبان في (المجروحين) حديث منكر.

وقال الذهبي (في الميزان) خبر موضوع.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: تحريم بيع العنب لمن يتخذه خمراً.

لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.

قال ابن قدامة: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ؛ أَنَّ بَيْعَ الْعَصِيرِ لِمَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا مُحَرَّمٌ.

وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ التَّمْرِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ مُسْكِرًا.

قَالَ الثَّوْرِيُّ بِعْ الْحَلَالَ مِمَّنْ شِئْت.

وَاحْتَجَّ لَهُمْ بُقُولِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) وَلِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ.

وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وَهَذَا نَهْيٌ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً.

فَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وَشَارِبَهَا وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَسَاقِيَهَا).

وَأَشَارَ إلَى كُلِّ مُعَاوِنٍ عَلَيْهَا، وَمُسَاعِدٍ فِيهَا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَقَالَ: قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي تَحْرِيمِ النَّبِيذِ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ قَيِّمًا كَانَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَأَخْبَرَهُ عَنْ عِنَبٍ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ زَبِيبًا، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُبَاعَ إلَّا لِمَنْ يَعْصِرُهُ، فَأَمَرَ بِقَلْعِهِ، وَقَالَ: بِئْسَ الشَّيْخُ أَنَا إنْ بِعْت الْخَمْرَ وَلِأَنَّهُ يَعْقِدُ عَلَيْهَا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُهَا لِلْمَعْصِيَةِ، فَأَشْبَهَ إجَارَةَ أَمَتِهِ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُهَا لِيَزْنِيَ بِهَا.

وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِصُوَرٍ كَثِيرَةٍ، فَيُخَصُّ مِنْهَا مَحَلُّ النِّزَاعِ بِدَلِيلِنَا.

وَقَوْلُهُمْ: تَمَّ الْبَيْعُ بِشُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ.

قُلْنَا: لَكِنْ وُجِدَ الْمَانِعُ مِنْهُ.

• كيف يعرف البائع أن المشتري يريد أن يتخذ العنب للخمر؟

يعرف ذلك بعلمه، أو بالقرائن القوية.

قال ابن قدامة: إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ، إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ قَصْدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، إمَّا بِقَوْلِهِ، وَإِمَّا بِقَرَائِنَ مُخْتَصَّةٍ بِهِ، تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

أَمَّا إنْ كَانَ الْأَمْرُ مُحْتَمِلًا، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مَنْ لَا يَعْلَمُ، أَوْ مَنْ يَعْمَلُ الْخَلَّ وَالْخَمْرَ مَعًا، وَلَمْ يَلْفِظْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْخَمْرِ، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>