للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢٤ - وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ اَلصَّحَابَةِ -رضي الله عنه- قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (اَلنَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي اَلْكَلَأِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

===

• ما المراد بالكلأ والماء والنار في هذا الحديث؟

الْمُرَاد الْمِيَاه الَّتِي لَمْ تَحْدُث بِاسْتِنْبَاطِ أَحَد وَسَعْيه كَمَاءِ الْآبَار وَلَمْ يُحْرَز فِي إِنَاء أَوْ بِرْكَة أَوْ جَدْوَل مَأْخُوذ مِنْ النَّهَر.

وَالْكَلَأ: وَهُوَ النَّبَات رَطْبه وَيَابِسه. (عون المعبود).

وَالنَّارِ الشَّجَر الَّذِي يَحْتَطِبهُ النَّاس مِنْ الْمُبَاح فَيُوقِدُونَه.

• اذكر معنى الحديث؟

قال الخطابي رحمه الله فيه: هذا معناه الكلأ ينبت في موات الأرض يرعاه الناس ليس لأحد أن يُخص به دون أحد، ويحجزه عن غيره، وقد كان أهل الجاهلية إذا عز الرجل منهم حمى بقعة من الأرض لماشيته ترعاها يذود الناس عنها، فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وجعل الناس فيه شركاء يتعاورونه بينهم، فأما الكلأ إذا نبت في أرض مملوكة لمالك بعينه فهو مال ليس لأحد أن يشركه فيه إلا بإذنه. ا. هـ

وقال ابن عبد البر في التمهيد عند قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يمنع نقع بئر: وفي هذا الحديث دليل على أن الناس شركاء في الكلأ وهو في معنى الحديث الآخر: الناس شركاء في الماء والنار والكلأ. إلا أن مالكا رحمه الله ذهب إلى أن ذلك في كلأ الفلوات والصحاري، وما لا تملك رقبة الأرض فيه، وجعل الرجل أحق بكلأ أرضه إن أحب المنع منه فإن ذلك له.

وقال المناوي: أي لا يجوز لأحد منعهن .. والكلأ بالهمز والقصر النبات أي المباح وهو النابت في موات فلا يحل منع أهل الماشية من رعيه لأنه مجرد ظلم، أما كلأ نبت بأرض ملكها بالإحياء فمذهب الشافعية حل بيعه.

وقال الصنعاني: والكلأ النبات رطباً كان أو يابساً، … والحديث دليل على عدم اختصاص أحد من الناس بأحد الثلاثة وهو إجماع في الكلأ في الأرض المباحة والجبال التي لم يحرزها أحد، فإنه لا يمنع من أخذ كلئها أحد إلا ما حماه الإمام … وأما النابت في الأرض المملوكة والمتحجرة ففيه خلاف بين العلماء. انتهى.

• ما الحكم إذا حازه الإنسان هل يجوز بيعه؟

نعم، لأنه حازه وملكه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قوله (ولا يصح بيع نقع البئر) نقع البئر هو: ماؤه الذي نبع من الأرض، فلا يجوز بيع هذا الماء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار) ولأن هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان؛ بل بقدرة الله عز وجل، فقد يحفر الإنسان بئرا عميقا ولا يخرج الماء فليس من كده ولا فعله، بل هو سبب، فلذلك لا يملكه، وإذا كان لا يملكه فإنه لا يصح بيعه، أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة فإنه يجوز بيعه؛ لأنه صار ملكا له بالحيازة. (الشرح الممتع)

الخلاصة: بيع الماء لا يخلو من حالتين:

الحال الأولى: أن يكون الماء في بئر أو نهر عام ليس ملكاً لأحد، فهذا لا يجوز بيعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>