القول الثاني: يثبت الزنا بإقراره مرة واحدة، ولا يشترط التكرار أربعاً.
وهذا مذهب مالك، والشافعي، ورجحه الشوكاني.
أ-لحديث (واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) ولم يذكر تكراراً.
ب- وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رجم اليهوديين، ولم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كرر عليهما الإقرار.
ج- والنبي -صلى الله عليه وسلم- رجم امرأة من جهينة ولم تقر إلا مرة واحدة. رواه مسلم
قالوا: فلو كان تربيع الإقرار شرطاً لما تركه النبي -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الواقعات التي يترتب عليها سفك الدماء وهتك الحرم.
وأجاب هؤلاء عن حديث الباب:
قال الشوكاني: وظاهر السياقات مشعر بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك في قصة جابر لقصد التثبت، كما يشعر بذلك قوله: (أبك جنون) ثم بسؤاله بعد ذلك لقومه، فتحمل الأحاديث التي فيها التراخي عن إقامة الحد بعد صدور الإقرار مرة على من كان أمره ملتبساً في ثبوت العقل واختلاله والصحو والسكر ونحو ذلك، وإقامة الحد بعد الإقرار مرة واحدة على من كان معروفاً بصحة العقل وسلامة إقراره عن المبطلات.
• هل يشترط أن يصرح بذكْر حقيقة الوطء؟
نعم يشترط.
أ- فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لماعز (أنكْتَها؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب الميل في المكحلة أو الرِّشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً).
وفي حديث ابن عباس: (فقال: أنكتها؟ قال: نعم، قال: أتدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: تطهرني، فأمر به فرجم).
ب- التعليل: لأنه ربما يظن ما ليس بزنا زناً موجباً للحد، فاشترط فيه التصريح.
• ما الأمر الثاني الذي يثبت به الزنا؟
البينة، وهو شهادة أربعة رجال.
فالشهود لا بد أن يكونوا أربع رجال يشهدون بأنهم رأوا الزنا نفسه، ولا تقبل شهادة النساء.
قال تعالى: (لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ).