للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٩٤٢ - وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، وَلْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ لَا يَكْتُمْ، وَلَا يُغَيِّبْ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اَللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ إِلَّا اَلتِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ اَلْجَارُودِ، وَابْنُ حِبَّان.

===

(ثُمَّ لَا يَكْتُمْ) أي: لا يخفي اللقطة، وذلك بأن يجحدها ولا يعرفها.

(وَلَا يُغَيِّبْ) أي: لا يجعلها غائبة.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: مشروعية الإشهاد لمن وجد اللقطة، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

فقيل: يجب.

وقيل: لا يجب، بل مستحب.

قال في المغني: قَالَ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَمَسّهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا.

فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا ضَمِنَهَا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً، فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ، أَوْ ذَوِي عَدْلٍ) وَهَذَا أَمْرٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْهِدْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ.

ثم قال ابن قدامة مرجحاً عدم الوجوب:

أ- وَلَنَا خَبَرُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنَّهُ أَمَرَهُمَا بِالتَّعْرِيفِ دُونَ الْإِشْهَادِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سِيَّمَا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ حُكْمِ اللُّقَطَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِيُخِلَّ بِذَكَرِ الْوَاجِبِ فِيهَا، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْأَمْرِ فِي حَدِيثِ عِيَاضٍ عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ.

أ- وَلِأَنَّهُ أَخْذُ أَمَانَةٍ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الْإِشْهَادِ، كَالْوَدِيعَةِ.

ورجح الصنعاني الوجوب فقال: وأفاد هذا الحديث زيادة وجوب الإشهاد بعدلين على التقاطها.

وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي، فقالوا يجب الإشهاد على اللقطة وعلى أوصافها.

وذهب الهادي ومالك وهو أحد قولي الشافعي إلى أنه لا يجب الإشهاد.

قالوا لعدم ذكر الإشهاد في الأحاديث الصحيحة فيحمل هذا على الندب.

وقال الأولون هذه الزيادة بعد صحتها يجب العمل بها فيجب الإشهاد، ولا ينافي ذلك عدم ذكره في غيره من الأحاديث والحق وجوب الإشهاد. (سبل السلام)

• ما الحكمة من الإشهاد؟

قال ابن قدامة: وَفَائِدَةُ الْإِشْهَادِ صِيَانَةُ نَفْسِهِ عَنْ الطَّمَعِ فِيهَا، ووَحِفْظُهَا مِنْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ، وَمِنْ غُرَمَائِهِ إنْ أَفْلَسَ.

فائدة:

وَإِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا، لَمْ يَذْكُرْ لِلشُّهُودِ صِفَاتِهَا، لِئَلَّا يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فَيَدَّعِيَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَيَذْكُرَ صِفَاتِهَا، كَمَا قُلْنَا فِي التَّعْرِيفِ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ لِلشُّهُودِ مَا يَذْكُرُهُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>