قال ابن قدامه في المغني: قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك، ولأن ما يعتبر له القول يكتفى فيه به من غير نية إذا كان صريحا فيه، كالبيع، وسواء قصد المزاح، أو الجد، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق والرجعة ـ رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن ـ قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، على أن جد الطلاق وهزله سواء. انتهى.
وقال البغوي في شرح السنة: اتفق أهلُ العلم على أن طلاق الهازل يقع، فإذا جرى صريح لفظ الطلاق على لسان العاقل البالغ لا ينفعه أن يقول: كنت فيه لاعباً أو هازلاً لأنه لو قُبِلَ ذلك منه، لتعطلت الأحكام، وقال كل مطلِّق، أو ناكح، إني كنت في قولي هازلاً فيكون في ذلك إبطال أحكام الله تعالى، فمن تكلم بشاء مما جاء ذكره في هذا الحديث لزمه حكمه، وخص هذه الثلاث بالذكر لتأكيد أمر الفرج والله أعلم.
القول الثاني: أن طلاق الهازل لا يقع.
وهو قول جماعة من العلماء.
واستدلوا بقوله تعالى (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فدل على اعتبار العزم، والهازل لا عزم له.
قالوا: ولأن الهازل لم يرد الطلاق ولا نوى معناه، فكيف يترتب عليه مقتضاه؟
والراجح القول الأول.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
انعقاد هذه الأمور الثلاثة ولو وقعت هزلاً: النكاح والطلاق والرجعة.
النكاح: فإذا قال الرجل لشخص زوجتك بنتي (هازلاً) فقال: قبلت، وتمت الشروط وانتفت الموانع فإن النكاح يكون صحيحاً.
الرجعة: فإذا طلق الرجل زوجته ثم راجعها (مازحاً)، فإن الرجعة تثبت.