للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل يقع طلاق الغضبان؟

الجواب: للغضب ثلاثة أقسام:

الأول: أن يحصل للإنسان مبادئ الغضب وأوائله بحيث لا يتغير عليه عقله ويعلم ما يقول.

فهذا يقع طلاقه بلا إشكال؛ فإنه مكلف عالم بأقواله ومريد للتكلم بها.

الثاني: أن يبلغ به الغضب نهايته فيزيل عقله فلا يعلم ما يقول.

وهذا لا يقع طلاقه، قال ابن القيم (بلا نزاع)

وذلك أنه لم يعلم صدور الطلاق منه، فهو أشبه ما يكون بالنائم والمجنون ونحوهم.

الثالث: أن يستحكم الغضب بصاحبه ويشتد به فهو قد تعدى مبادئه ولم ينته إلى آخره.

فهذا موضع خلاف بين العلماء على قولين:

القول الأول: وقوع طلاقه.

وهذا مذهب المالكية والحنابلة.

أ- عن خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت أنها راجعت زوجها فغضب فظاهر منها، وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه وضجر، وإنها جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعلت تشكوا إليه ما تلقى من سوء خلقه، فأنزل الله آية الظهار وأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالكفارة في قصة طويلة.

فهذا الرجل ظاهر في غضبه فألزم بالكفارة ولم يلغه؛ لكونه غضباناً والظهار كالطلاق.

ب- ما روي عن مجاهد عن ابن عباس أن رجلا قال له: إني طلقت امرأتي ثلاثا وأنا غضبان. فقال: ابن عباس لا أستطيع أن أحل لك ما حرم الله عليك، عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك.

ج - قول الحسن: طلاق السنة أن يطلقها واحدة طاهرا من غير جماع، وهو بالخيار ما بينه وبين أن تحيض ثلاث حيض، فإن بدا له أن يراجعها كان أملك بذلك، فإن كان غضبان ففي ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، ما يذهب غضبه.

القول الثاني: عدم وقوعه.

وهذا مذهب الحنفية.

أ- لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق).

والإغلاق يتناول الغضبان؛ فإنه قد انغلق عليه رأيه.

ب- قوله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) قال ابن عباس: (لغوا اليمين أن تحلف وأنت غضبان) فلما رفع الله المؤاخذة عن الغضبان فيما تلفظ به علمنا إلغاءه لكلامه ومنه طلاقه.

ج-حديث أبي بكرة مرفوعا (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، ولولا أن الغضب يؤثر في قصده وعلمه لم ينه عن الحكم حال الغضب، فدل على نفي القصد فيبطل قوله ومنه طلاقه.

د-أن السكران بسبب مباح طلاقه غير واقع؛ لأنه غير قاصد للطلاق، ومعلوم أن الغضبان كثيراً ما يكون أسوأ حالا من السكران.

<<  <  ج: ص:  >  >>