وقال ابن المنذر: ولا يثبت فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة.
وقال ابن خزيمة: وقد روي في ذات عرق أنه ميقات أهل العراق أخبار عن غير ابن جريج لا يثبت عند أهل الحديث شيء منها.
وقال البغوي: والصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يوقت لهم شيئاً.
وقال النووي: وَأَمَّا (ذَات عِرْق) بِكَسْرِ الْعَيْن فَهِيَ مِيقَات أَهْل الْعِرَاق، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ صَارَتْ مِيقَاتهمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَر بْن الْخَطَّاب؟ وَفِي الْمَسْأَلَة وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيّ: أَصَحّهمَا: وَهُوَ نَصّ الشَّافِعِيّ -رضي الله عنه- فِي الْأُمّ: بِتَوْقِيتِ عُمَر -رضي الله عنه-، وَذَلِكَ صَرِيح فِي صَحِيح الْبُخَارِي.
القول الثالث: أن الذي وقته النبي وعمر لم يبلغه النص فجاء توقيته على وفق توقيت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعمر معروف بموافقاته الكثيرة.
وبهذا قال ابن حزم، وابن قدامة، وابن تيمية، والعيني.
قال ابن قدامة: ويجوز أن يكون عمر ومن سأله لم يعلموا توقيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات عرق فقال برأيه فأصاب، ووافق قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان كثير الإصابة.
والقول الثاني أصح.
• ماذا نستفيد من قول عمر (قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْق) رواه البخاري؟
نستفيد: أن من لا يمر بشيء من هذه المواقيت فإنه ينظر إلى حذو الميقات الأقرب إليه (فيحرم منه).
فإذا مر في طريق بين يلملم وقرن المنازل ينظر أيهما أقرب إليه، فإذا حاذى أقربهما إليه أحرم من محاذاته فعمر قال لهم: انظروا إلى حذوها من طريقكم).
فأمرهم أن ينظروا إلى محاذاة قرن المنازل ويحرموا.
• من أين يحرم من جاء بالطائرة؟
وفي حكم عمر -رضي الله عنه- هذا فائدة جليلة، وهي أن الذين يأتون عن طريق الطائرات وقد نووا الحج أو العمرة ويمرون بهذه المواقيت إما فوقها أو عن يمينها أو يسارها يجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا هذه المواقيت، ولا يحل لهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا في جدة، كما يفعله كثير من الناس، فإن هذا خلاف ما حدده النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ).
وقال الله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
فعلى الإنسان إذا جاء عن طريق الجو وهو يريد الحج أو العمرة أن يكون متهيئاً للإحرام في الطائرة، فإذا حاذى أول ميقات يمر به وجب عليه أن يحرم، أي أن ينوي الدخول في النسك ولا يؤخر هذا حتى يدخل في مطار جدة. (الشيخ ابن عثيمين).
بَابُ وُجُوهِ اَلْإِحْرَامِ وَصِفَتِهِ
وجوه: أنواع وصور.
الإحرام: نية الدخول في النسك.
ووجوه الإحرام وأنواعه ثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد.