للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ الحسن، وقتادة، والزهري، وابن شُبْرمة، والليث، والأوزاعي: ليس للنساء عفو.

واحتجّ الأولون:

بعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- (فأهله بين خيرتين) وهذا عامّ فِي جميع أهله، والمرأة منْ أهله، بدليل قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (منْ يَعذُرُني منْ رجل يبلغني أذاه فِي أهلي، وما علمت عَلَى أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيراً، وما كَانَ يدخل عَلَى أهلي إلا معي) يريد عائشة رضي الله تعالى عنها، وَقَالَ له أسامة: يا رسول الله أهلك، ولا نعلم إلا خيرا، متّفقٌ عليه.

وروى زيد بن وهب (أن عمر -رضي الله عنه- أُتي برجل قتل قتيلا، فجاء ورثة المقتول ليقتلوه، فقالت امرأة المقتول، وهي أخت القاتل: قد عفوت عن حقي، فَقَالَ عمر: الله أكبر عَتَقَ القتيل). (المغني).

• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟

- أن القصاص بقتل القاتل لا يكون إلا في القتل العمد بإجماع العلماء.

قال ابن قدامة: أجمع العلماء على أن القَوَد (القصاص) لا يجب إلا بالعمد، ولا نعلم بينهم في وجوبه بالقتل العمد إذا اجتمعت شروطه خلافا، وقد دلت عليه الآيات والأخبار بعمومها، فقال الله تعالى: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل). وقال تعالى: (كتب عليكم القصاص في القتلى). وقال تعالى: (ولكم في القصاص حياة). يريد - والله أعلم - أن وجوب القصاص يمنع من يريد القتل منه، شفقة على نفسه من القتل، فتبقى الحياة في من أريد قتله. وقيل: إن القاتل تنعقد العداوة بينه وبين قبيلة المقتول، فيريد قتلهم خوفا منهم. ويريدون قتله وقتل قبيلته استيفاء، ففي الاقتصاص منه بحكم الشرع قطع لسبب الهلاك بين القبيلتين. وقال الله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس). الآية. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قتل له قتيل، فهو بخير النظرين: إما أن يقتل، وإما أن يُفْدَى). متفق عليه. وروى أبو شريح الخزاعي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أصيب بدم، أو خبل، فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه: أن يقتل، أو يعفو، أو يأخذ الدية). رواه أبو داود. وفي لفظ: (فمن قتل له بعد مقالتي قتيل، فأهله بين خيرتين: أن يأخذوا الدية، أو يقتلوا). وقال عليه السلام: (العمد قود، إلا أن يعفو ولي المقتول). - والقَوَد هو القصاص - " انتهى.

- الصلح مقابل مغادرة الجاني أرض الجناية أبداً أو إلى مدة:

قد يقع الصلح عن دم العمد بشرط أن يرتحل الجاني عن بلد أولياء الدم نهائياً فلا يعود إليها، أو بأن يرتحل مدة محددة من الزمن يحددونها له، فإن عاد فمن حقهم أن يقتصوا إن كان بعد ثبوت الدم أو يعاودوا الخصومة إن كان قبل ثبوت الدم. ولم أجد فيما توصلت إليه من تكلم عن هذه الصورة من الصلح إلا فقهاء المالكية ـ على تفصيل في مذهبهم ـ وشيخ الإسلام ابن تيمية، ومن المعاصرين سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>