* قال الشيخ ابن عثيمين: والصحيح أنه نصلي على القبر ولو بعد شهر، إلا أن بعض العلماء قيده بقيد حسن، قال: بشرط أن يكون هذا المدفون مات في زمن يكون فيه هذا المصلي أهلا للصلاة.
مثال ذلك: رجل مات قبل عشرين سنة، فخرج إنسان وصلى عليه وله ثلاثون سنة، فيصح؛ لأنه عندما مات كان للمصلي عشر سنوات، فهو من أهل الصلاة على الميت.
مثال آخر: رجل مات قبل ثلاثين سنة، فخرج إنسان وصلى عليه وله عشرون سنة ليصلي عليه، فلا يصح؛ لأن المصلي كان معدوما عندما مات الرجل، فليس من أهل الصلاة عليه.
ومن ثَمَّ لا يشرع لنا نحن أن نصلي على قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما علمنا أن أحداً من الناس قال: إنه يشرع أن يصلي الإنسان على قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو على قبور الصحابة، لكن يقف ويدعو.
• ما الجواب عن أدلة الأقوال الأخرى؟
أما دليل من حدد ذلك بشهر:
فالجواب: بأن ما وقع من النبي -صلى الله عليه وسلم- من صلاته على أم سعد بعد شهر إنما وقع اتفاقاً من غير قصد التحديد.
قال ابن القيم: وَصَلَاته عَلَى أُمّ سَعْد بَعْد شَهْر لَا يَنْفِي الصَّلَاة بَعْد أَزْيَد مِنْهُ، وَكَوْن الْمَيِّت فِي الْغَالِب لَا يَبْقَى أَكْثَر مِنْ شَهْر لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ هَذَا يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَرْض، وَالْعِظَام تَبْقَى مُدَّة طَوِيلَة، وَلَا تَأْثِير لِتَمَزُّقِ اللُّحُوم.
وأما الجواب عن دليل من حدد ما لم يبلى جسده ويتحقق تمزقه.
فالجواب: بأن التحديد ببلى الميت لا يصح، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يبلى ولا يصلى على قبره.
ولأن بلى الميت يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، وهو أمر لا يعلم ولا ينضبط، فلا بد أن يكون التقدير على أمر معلوم لا مجهول.
وأما الجواب على من حدد ذلك بثلاثة أيام، وأن الصحابة كانوا يصلون على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أيام.
فيقال: إن هذا الأثر لا يعلم صحته.
وأيضاً قد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صلى على القبر بعد شهر، وهذا يرد دعواهم.
وأما ما استدل به أصحاب القول الأخير من صلاته -صلى الله عليه وسلم- على شهداء أحد بعد ثماني سنوات، فالجواب:
أن هذه الصلاة ليست هي الصلاة على الميت، ولو كانت هي الصلاة على الميت لم يؤخرها النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمان سنين هذا لا يصح، بل هذه الصلاة كالتوديع للأموات، وقد رجح هذا ابن القيم.
قال النووي: إن هذه الصلاة لا يصح أن تكون صلاة الجنازة بالإجماع.