للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٣٦٥ - وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال (مَنْ حَلِفِ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اَللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ.

===

- (فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) الحنث: أن يفعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: أن اليمين إذا علقها الحالف بالمشيئة لم بحنث ولم تلزمه كفارة.

قال ابن قدامة: وَإِذَا حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْيَمِينِ كَلَامٌ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَهَذَا يُسَمَّى اسْتِثْنَاءً.

فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَال (مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ اسْتِثْنَاءً، وَأَنَّهُ مَتَى اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ لِمَ يَحْنَثْ فِيهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد (مَنْ حَلَفَ، فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) وَلِأَنَّهُ مَتَى قَالَ: لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَتَى شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ، وَمَتَى لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. (المغني).

وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث قوله: (لم يحنث) فيه دليل على أن التقييد بمشيئة الله مانع من انعقاد اليمين أو يحل انعقادها، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور.

وقال الشيخ ابن عثيمين: والأفضل لكل حالف أن يعلق يمينه بالمشيئة لأن في ذلك فائدتين:

الأمر الأول: تيسير الأمر كما قال تعالى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً).

الأمر الثاني: أن الإنسان إذا حنث لم تلزمه الكفارة.

قال في "زاد المستقنع": " ومن قال في يمين مكفرة: إن شاء الله، لم يحنث.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " وقوله: «يمين مكفرة» أي: تدخلها الكفارة، مثل اليمين بالله، والنذر، والظهار، فهذه ثلاثة أشياء كلها فيها كفارة، وخرج بذلك الطلاق والعتق فلا كفارة فيهما.

فإن قال في اليمين المكفرة: (إن شاء الله) لم يحنث، أي: ليس عليه كفارة، وإن خالف ما حلف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>