وقال الحافظ ابن حجر: لكن الذي يمنع المشركون من سكناه منها الحجاز خاصة، وهو مكة والمدينة واليمامة وما والاها لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه اسم جزيرة العرب، لاتفاق الجميع على أن اليمن لا يمنعون منها مع أنها من جملة جزيرة العرب، هذا مذهب الجمهور.
وقال المناوي: وقد أخذ الأئمة بهذا الحديث، فقالوا: يخرج من جزيرة العرب من دان بغير ديننا، ولا يمنع من التردد إليها في السفر فقط. (فيض القدير).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: يجب أن يعلم أنه لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة، لا من النصارى، ولا من غير النصارى، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة، وأوصى عند موته -صلى الله عليه وسلم- بإخراجهم من هذه الجزيرة، وهي المملكة العربية السعودية واليمن ودول الخليج، كل هذه الدول داخلة في الجزيرة العربية، فالواجب ألا يقر فيها الكفرة من اليهود، والنصارى، والبوذيين، والشيوعيين، والوثنيين.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: "يجب أن نعلم أنه لا يجوز إقرار اليهود والنصارى أو المشركين في جزيرة العرب على وجه السكنى، أمَّا على وجه العمل فلا بأس، بشرط أن لا نخشى منهم محظوراً". (الشرح الممتع على زاد المستقنع: ٨/ ٨٢)
• من الذي يخرج من جزيرة العرب؟
كل من لم يكن مسلماً.
ويدل عليه حديث (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ).
وحديث الباب (لأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ).
وفي حديث عائشة. قالت: قال -صلى الله عليه وسلم- (لا يترك في جزيرة العرب دينان) رواه أحمد والطبراني.
• هل يدخل فيهم من له عهد أو أمان؟
لا شك أن أصحاب العهد أو الأمان غير داخلين في هذا الحكم، وذلك من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن الأمر بالإخراج نص عام والأمر بحفظ دم صاحب العهد نص خاص، فيبقى الخاص مستثناً من هذا العموم، قال -صلى الله عليه وسلم- (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً) رواه البخاري.
الوجه الثاني: أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحاب الحاجات بدخول جزيرة العرب، فقد قال لرسولي مسيلمة: " لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما) رواه أبو داود.
الوجه الثالث: أن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم يقوموا بإخراج الأجراء والعبيد، فقد كان قتل عمر -رضي الله عنه- بالمدينة وكان قاتله عبداً مملوكاً للمغيرة بن شعبة وهو (أبو لؤلؤة المجوسي)، فهذا إجماع من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في فهم الحديث.
لذا .. فمن اعتدى على أصحاب العهد والأمان واستند على هذا الحديث فقد أخطأ في فهم الحديث وأتى بفهم لم يعرفه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.